لا جديد في ما قاله بنيامين نتنياهو، عشية الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، إن إعادة انتخابه وعودته إلى موقع رئيس الوزراء ستعنيان أنه لا دولة فلسطينية. فهذا الموقف معروف. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير قد قال وهو متجه إلى مدريد على رأس وفد إسرائيل إنه سيتفاوض مع الفلسطينيين 20 عاماً بدون أي نتيجة. فالإسرائيليون باستثناء إسحاق رابين، الذي تم إعدامه رمياً بالرصاص، لا يمكن أن يقبلوا للشعب الفلسطيني بأكثر من حكم ذاتي منقوص، لاسيما أن الأوضاع العربية هي هذه الأوضاع المزرية!
ومن المفترض ألا يكون تحول الإسرائيليين بأغلبيتهم نحو اليمين مفاجئاً، لا للفلسطينيين ولا للعرب، مادامت هذه المنطقة تغرق كلها في العنف والدماء، ومادام ما يفعله "داعش" هو عنوان هذه المرحلة، إضافة إلى وجود الإدارة الأميركية العاجزة التي يقف على رأسها رئيس بائس ومتردد يقتصر رهانه على إيران، التي يعتبرها الرقم الرئيسي والأوحد والوحيد في المعادلة الشرق أوسطية، الآن وعلى المدى المنظور، وربما أبعد من المدى المنظور.إنها لحظة تاريخية مريضة فعلاً بالنسبة إلى العرب، وبالطبع بالنسبة إلى الفلسطينيين، ويقيناً لو أن الأوضاع العربية ليست متردية ومزرية على هذا النحو لما كان الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط هو هذا الموقف المخيب للآمال، ولكانت إسرائيل قد أذعنت صاغرة للإرادة الدولية بالنسبة إلى حقوق الشعب الفلسطيني، كما كانت ومعها فرنسا وبريطانيا قد أذعنت بعد العدوان الثلاثي على مصر للإنذار الذي أطلقه دوايت آيزنهاور، معززاً بموقف الاتحاد السوفياتي، وانسحبت من الأراضي المصرية المحتلة انسحاباً غير مشروط."لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، ومن المؤكد أنه حتى أصحاب أنصاف العقول، إن على صعيد الحكام وإن على صعيد المحكومين، يعرفون أن اجتياح إيران للوطن العربي على هذا النحو هو ما يجعل بنيامين نتنياهو يتعامل مع الفلسطينيين بهذه الطريقة الاستفزازية، وهو ما قد يغريه بالعودة إلى الشعار الصهيوني القديم: "من النيل إلى الفرات"، وربما بالتنصل من اتفاقيات كامب ديفيد واتفاقية وادي عربة.كنا قد استبشرنا خيراً عندما لاح توجه عربي لإنشاء "محور" مقاوم ليس لـ"داعش" وباقي التنظيمات الإرهابية الأخرى فحسب، وإنما لهذا التمدد الإيراني الزاحف وللغطرسة الإسرائيلية التي تجاوزت كل الحدود لكن، وهذا يجب أن يقال وعلى رؤوس الأشهاد، ثبت فعلاً أن كلام الليل يمحوه النهار وأن واقع العرب "أعجز" من أن يلجأوا إلى التلويح بقبضاتهم مجرد تلويح، وأن "يحمروا" عيونهم ولو من قبيل مجرد إشعار الإيرانيين أنهم إن بقوا "يركبون" على هذا النحو فإنه ستكون بانتظارهم "قادسية" "ثانية".كان يجب إبعاد هذا التوجه عن الجامعة العربية، وعن اتفاقية "الدفاع العربي المشترك"، فالتجارب منذ عام 1945 وحتى الآن علمتنا أن هذه "الجامعة" مقبرة لأي "مرجلة" عربية وأن هذه "الاتفاقية" ولدت ميتة، ولعل ما يجب أن يقال في هذا المجال هو: أن هناك عرباً عاربة، وأن هناك عربا مستعربة، وأن بعض العرب رؤوسهم مع إخوانهم وقلوبهم وعقولهم في طهران، وأن بعض هؤلاء لهم خطوط اتصال بل أكثر من خطوط اتصال مع "داعش" وأن بعضهم لا يتقنون إلا فن السمرة ومحاولات الضحك على الذقون! ومن يهن يسهل الهوان عليه.
أخر كلام
لماذا كل هذه العربدة الإسرائيلية؟!
23-03-2015