حفلة الزار الكويتية... حامية!

نشر في 22-03-2015
آخر تحديث 22-03-2015 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة حفلة الزار الكويتية تشتد وتزداد صخباً، بل وحركات بهلوانية خطيرة، تجعل الجميع مشدوهين بأفواه فاغرة، ومتسائلين ماذا يحدث؟ وزير يستقيل ويعين على الفور بديل له، والنيابة العامة تحفظ بلاغ الكويت المقدم من الشيخ أحمد الفهد الصباح، أحد أبناء الصف الأول من أسرة الحكم، فيعلن الفهد في بيان فوري أن لديه معلومات وأدلة ستزلزل البلد، بينما وزارة الداخلية تعتقل أحد الناشطين في ضاحية الزهراء على طريقة أفلام المغامرات «المهمة المستحيلة» الأميركية، ووزير العدل يعقوب الصانع ذو الطلات الإعلامية المكثفة يلعب دور المحقق الشهير «كولمبو» مع فهد الرجعان في ملاحقة أموال الدولة المختلسة في بريطانيا.

كل ذلك رغم أن الجو بالكويت ربيع، والناس تعقد عادةً في هذا الموسم قرانها وأعراسها وحفلاتها ولياليها الملاح، ويربط فيه النسب العوائل الكويتية العريقة لتكون أجيالاً جديدة من نجبائها ومحبيها المخلصين للديرة، ويحدث كذلك الفزع والقلق رغم أن حفلات «هلا فبراير» متوالية! والفلوس «وايد» و«طحيحه»، حتى إننا لسنا معنيين بانخفاض أسعار النفط، لأن هيئة الاستثمار «طافحة» بـ«الكاش»، وكذلك البنك المركزي ومؤسسة التأمينات الاجتماعية! ومع ذلك صراخنا «شايل» و«مرعوبين» من الأدلة التي ستهز أركان الدولة، ولم تلتفت لها النيابة العامة كما يلمح البيان.

طيب لماذا... تريدون أن تزلزلوا الناس؟ ما دام سائر الكويتيين ليس لهم لا ناقة ولا جمل في الموضوع، فكل الأطراف في بلاغ الكويت من أبناء السلطة والمقربين منهم، والبلاغ يقول إنهم تخابروا ضد بعض في مؤامرة ضد الحكم! طيب ما أنتم أنفسكم الحكم!... ويقولون أيضاً في البلاغ التاريخي إن هناك مليارات هربت أو حولت بين حسابات حول العالم... طيب نحن لا نعرف، ولم يوضح البلاغ إذا كانت تلك المليارات أموالاً خاصة أم أموالاً منهوبة من المال العام، فإن كانت الأولى فما دخلنا بها، أما إذا كانت الثانية فمن أين نهبت وكيف؟!

حقيقة، الكويتيون في «حوسة» وحفلة زار كبيرة لا تعرف من منظمها ومن صاحبها وكيف بدأت ومتى ستنتهي؟ فأبناء السلطة والنفوذ يتصارعون، وبعض العامة يأخذه الحماس دون أن يتبين الحقائق فيجد نفسه في المكان والزمان الخطأ، فيدفع الثمن غالياً من حريته وماله، وآخرون يعرفون اللعبة ويرتضون بأن يكونوا «أدوات» فيها وهم وحظهم، إما تصيب أو تخيب معهم، وغالباً يتم التخلص منهم بعد استخدامهم، بينما من يُحصل المكاسب هم أناس محدودون يكونون بعيدين وفي أماكن محصنة ومغلقة!

الكويتيون جميعاً يتساءلون لماذا لا يجلس كل هؤلاء المتصارعين الكبار بعضهم  مع بعض، ويحلون مشاكلهم ويتقاسمون الغنائم، ويرحمونا ويرحمون البلد، خاصة أنهم كانوا منذ سنوات يتبادلون التحالفات في ما بينهم، وكان بعضهم يصطف مع بعض في جبهات موحدة سابقاً، وكلهم «حاشهم الخير»، لاسيما أن المزيد من الخيرات – مليارات التنمية - في الطريق إلى متناولهم! والوضع بالبلد «مضبط» ومجلس الأمة بحمد الله رسخ أجواء الاستقرار والسنن الحميدة في المساءلة ومتابعة مخالفات ديوان المحاسبة وكل شيء «تمام»، فلماذا لا تريحون الديرة والكويتيين حتى يتمتعوا بالربيع والحفلات والليالي الملاح وفخامتها أو حتى متابعة أخبارها!

***

يجب هنا أن أشير إلى أنني للمرة الثانية أستعير وصف «حفلة زار» للمشهد الكويتي، وهو في الأساس للمرحوم الدكتور أحمد الربعي، وكان دائماً يصف به الأحداث على الساحة الكويتية.

back to top