تعليم اللاجئين السوريين في لبنان

نشر في 16-06-2015
آخر تحديث 16-06-2015 | 00:01
إن تزويد اللاجئين بالتعليم سيكلف نحو 500 دولار أميركي سنويا- أقل من 10 دولارت أميركية بالأسبوع- لكل تلميذ، وهذا ثمن بخس يدفعه المرء مقابل الأمل، لكن المجتمع الدولي فشل في عمل ما يكفي من أجل المساعدة.
 بروجيكت سنديكيت خلال زيارتي الأخيره لبيروت التقيت أخوين بنتاً وولداً كافحا خلال سنة مليئة بالمصاعب، وهما لاجئان سوريان في لبنان يبلغان من العمر 14 سنة، ومتحمسان للتعليم، لكنهما غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة.

إن قصصهما تظهر ما هو على المحك في الأشهر القليلة القادمة، في حين يكافح لبنان من أجل جمع الأموال، وذلك من أجل جهود طموحة لتوفير التعليم للاجئين فيه، فهذا العام كان يفترض أن يكون عام الطفل- الموعد النهائي لهدف التنمية الألفية بتوفير التعليم الابتدائي لجميع الأطفال- ولكن عوضا عن ذلك أصبح ذلك العام بالنسبة إلى مئات الآلاف من الشباب عام الخوف كما يصفه البعض.

لقد هربت الفتاة ديلان من سورية برفقة والدتها عندما كانت تبلغ من العمر عشر سنوات، وقد وجد كل منهما عملا في مصنع للثوم، علما أن ديلان أمضت عيد ميلادها الحادي عشر وهي تقشر فصوص الثوم من أجل أن تكسب فقط ما يوفر لها سقفاً فوق رأسها، وخلال الثمانية عشر شهرا الماضية كانت ديلان خارج المدرسة، فأقرب شيء للفصل الدراسي ذهبت إليه ديلان هو مركز نهاري لتعليم اللغة العربية، وعلى الرغم من أنها فصيحة اللسان الآن فإن هدفها بالذهاب للمدرسة يبقى بعيد المنال، فهي لا تملك الأموال لدفع الرسوم اللازمة، وكل ما تريده حسب قولها هو أن تتدرب لتصبح معلمة من أجل "المساعدة في إزالة الحزن من قلوب الأطفال".

وإن الولد أحمد لم يذهب إلى المدرسة منذ عام، وهو يريد أن يصبح طبيبا، ولكن يجب أن يخضع أولاً لنوع آخر من العلاج حتى يتمكن من التعامل مع ذكرى آخر يوم له في المدرسة، وذلك عندما دخل رجال مسلحون غرفته الصفية وأجبروا الجميع على الفرار، كما أن لدى أحمد خوفا عميقا من أنه لن يتمكن من إكمال تعليمه، وعندما تكلمت معه في بيروت قال لي: "ماذا سنصبح نحن السوريين الموجودين خارج المدارس في المستقبل؟ سوف نكون أميين وكأن عقارب الساعة قد عادت إلى عقود أو قرون ماضية، نحن بحاجة للتعليم من أجل أن نصبح أناسا أفضل".

يقال إن "بإمكانك العيش 40 يوما بدون طعام وثمانية أيام بدون ماء و8 دقائق بدون هواء، ولكن لا يمكن أن تعيش ثانية واحدة بدون أمل"، وإن ديلان وأحمد على غرار العديد من اللاجئين الشباب يفقدون الأمل في إمكان أن يذهبوا للمدرسة مجددا.

وإن تزويد اللاجئين بالتعليم سيكلف نحو 500 دولار أميركي سنويا- أقل من 10 دولارت أميركية بالأسبوع- لكل تلميذ، وهذا ثمن بخس يدفعه المرء مقابل الأمل، لكن المجتمع الدولي فشل في عمل ما يكفي من أجل المساعدة.

وإن لبنان هو واحد من أضعف بلدان العالم وأقلها استقرارا، وتمزقه الطائفية بالإضافة إلى وجود المجموعات المتطرفة العنيفة، ومع ذلك وجد الموارد لاستضافة 1.1 مليون من المهجرين السوريين– ما يعادل ربع عدد سكان لبنان تقريبا- وقيادة الجهود الدولية للتحقق من أن أطفال اللاجئين يتلقون التعليم.

لقد قام وزير التعليم اللبناني إلياس بو صعب بالتغلب على البيروقراطية والنزاعات الطائفية لإدخال نظام دوام الفترتين في مدارس البلاد ابتداء من سبتمبر، ففي الصباح سوف يتعلم الأطفال اللبنانيون باللغتين الفرنسية والإنكليزية وفي وقت متأخر من فترة ما بعد الظهر وأول المساء سيتلقى نحو نصف مليون طفل سوري تعليمهم باللغة العربية.

من المنتظر من هذا البرنامج الذي سوف يكلف 263 مليون دولار أميركي أن يكون أضخم جهد إنساني تعليمي يتم إطلاقه خلال حالات الطوارئ، ولكن بالرغم من النداءات للتحرك العاجل كان الرد بطيئا، وبالرغم من أنه لم يتبق إلا ثلاثة أشهر على بدء السنة الدراسية القادمة، لم يتم جمع إلا 100 مليون دولار أميركي فقط.

عادة في حالات الطوارئ لا توجد أبنية يمكن أن تقام فيها الفصول الدراسية، ولا يوجد موظفون لتعليم التلاميذ، وهذا يعطي الجهات المانحة عذرا سهلا، فهم كانوا سيساعدون لو كانت هناك إمكانية لعمل ذلك، ولكن في لبنان ومع توافر المدارس والمدرسين فإن العقبة الوحيدة هي إرادة المجتمع الدولي، فلو أعطت كل وكالة مساعدات دولية بما لا يزيد على 10 ملايين دولار أميركي إضافية فإن من الممكن أن يبدأ نصف مليون طفل في لبنان السنة الدراسية القادمة في سبتمبر.

كما أن المصير غير المؤكد لبرامج مثل برنامج لبنان يؤكد أنه أمر مأساوي أن يحصل التعليم على 2% فقط من المساعدات الإنسانية، ويؤكد كذلك أهمية تأسيس صندوق دائم للتعليم في حالات الطوارئ، لماذا يتوجب على أطفال اللاجئين أن ينتظروا لأشهر في حين يتم تمرير وعاء التسول من جهة لأخرى؟

إن ديلان وأحمد يظهران الخيار القاسي الذي يجب أن نواجهه جميعا، وهو إما أن نوفر التعليم الصحيح لطبيب ومعلم المستقبل أو أن نتخلى عنهم، ولو اخترنا الخيار الثاني لوجب أن نكون واضحين بشأن ماذا قد يعني ذلك: جيل ضائع يتعرض لخطر الاعتداء، أو الاتجار بالبشر، أو ما هو أسوأ من ذلك، أن يتحول هؤلاء إلى مصدر دائم لإشعال التطرف والعنف المستمر.

* غوردون براون ، رئيس وزراء المملكة المتحدة من 2007 إلى 2010،  يعمل حاليا مبعوثا خاصا للتعليم العالمي في الأمم المتحدة.

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top