إصلاحيو شيعة العراق يواجهون «معضلة البعث»
أنهت الكتلة السنية مقاطعتها لجلسات البرلمان العراقي هذا الأسبوع، بعد «ضمانات» من تيار مقتدى الصدر، وحوار مع رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، وتطمينات من رئيس الحكومة حيدر العبادي.وهذا الإعلان يكرر خارطة المواقف التي أنتجت حكومة الإصلاح السياسي الراهنة، حيث يبدو الصدر والحكيم مؤمنين بتسوية كبيرة مع السنّة، ويلتحق بهما العبادي لمبررات مشابهة، بينما تدور المشاكل في حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، حيث تنقسم المواقف بين مؤيدين للإصلاحات ومدافعين عن نهج نوري المالكي.
وبينما كانت أكبر الكتل السنية تعلن عودتها للبرلمان، كان علي الأديب، القيادي البارز في «الدعوة»، يتحدث بغضب عن النسخة المعدلة من قانون «الحرس الوطني»، في مشهد يزخر بكوميديا السياسة العراقية، إذ ينفذ العبادي جزءاً من وعوده للسنّة بشأن قوة الدفاع الذاتي التي يريدونها لمحافظاتهم، بينما يعارضه في ذلك حزبه، ويؤيده زعماء الأحزاب الشيعية المنافسة مثل تيار الصدر وأتباع الحكيم! أبرز تنازل شيعي جعل السنّة يشعرون بالرضا هو أن قوة «الحرس الوطني» في محافظاتهم سترتبط بشكل كبير بالإدارات المحلية السنية، التي ستتمكن بنفسها من اختيار قادة «الحرس الوطني»، وهذه ضمانة عسكرية كبيرة وغير مسبوقة يمنحها الشيعة للسنّة لتكريس الإدارة اللامركزية حتى في الجانب الأمني، وإذا مرت في البرلمان فإنها «عنصر اطمئنان» بإحراز تقدم في الملفات الخلافية الأخرى.ولذلك فإن المقربين من الصدر يؤكدون أنه وعد السنّة بإجراءات لضبط الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة وإخضاع قوات «الحشد الشعبي» الشيعية لوزارة الداخلية أو الدفاع، لكن الخلاف الذي يحرج العبادي والصدر والحكيم معاً، يتعلق بإعادة النظر في قانون «اجتثاث البعث».وقال قيادي شيعي كبير، لـ«الجريدة»، إن الحوارات الأخيرة حاولت إقناع السنّة بتحريك إيجابي لكل الملفات، بشرط عدم إحراج «الإصلاحيين» الشيعة بملف «البعث»، إذ إن إلغاء موضوع الاجتثاث كلياً أمر صعب، وبدلاً منه طرحت إجراءات لتخفيف القيود على البعثيين، ووضع آليات تمنع استخدام هذه القيود لتصفية الحساب سياسياً مع الخصوم.لكن المطلعين على طريقة الحوار السياسي في العراق، يمتنعون عن إبداء تفاؤل كبير، معتقدين أن «المد والجزر» سيظل يتحكم في مواقف الطائفتين، تأثراً بنفوذ إقليمي متنوع، وحسابات ميدانية داخل مناطق الحرب.