ادلى البريطانيون، أمس، بأصواتهم في انتخابات عامة تعتبر الاكثر تنافسية منذ 40 عاما، وسط قضايا حاسمة لمستقبل البلاد؛ أهمها بقاء بلادهم عضواً في الاتحاد الأوروبي وقضية استقلال اسكتلندا.
أدلى البريطانيون، أمس، بأصواتهم في انتخابات عامة تعتبر الأكثر تنافسية منذ 40 عاما، وسط توقعات بأن يعلن صباح اليوم كل من المحافظ ديفيد كاميرون والعمالي إد ميليباند فوزهما، بسبب التقارب في النتائج.ومن بلفاست الى كارديف وصولا الى ادنبره ولندن، دعي حوالى 45 مليون ناخب للتوجه الى صناديق الاقتراع في مكاتب التصويت البالغ عددها 50 ألفا في مختلف أنحاء البلاد.وفتحت صناديق اقتراع في أماكن غير مألوفة مثل حانات أو حافلات مدرسية او مدارس ابتدائية وكنائس، أو منازل نقالة، او حتى في معبد هندوسي.وشارك مواطنون بريطانيون ورعايا الكومنولث وجمهورية ايرلندا المقيمون في بريطانيا ممن بلغوا الـ18 والمدرجة أسماؤهم على اللوائح الانتخابية بأصواتهم.ووحدهم اللوردات والسجناء لا يمكنهم التصويت، كما أن الملكة اليزابيث الثانية لا تستخدم حقها في التصويت، لأن عليها التزام الحيادية.ومن المتوقع أن تصدر نتائج أولية قرابة منتصف ليل الخميس ـ الجمعة في اسكتلندا ولندن، بينما أدى إجراء انتخابات محلية موازية في سائر البلاد الى إبطاء عملية فرز الأصوات، الأمر الذي تطلب الانتظار حتى بعد ظهر اليوم لصدور النتائج النهائية على الصعيد الوطني.ولمعرفة الفائز الحقيقي لا بد من الانتظار عدة ايام أو عدة اسابيع اضافية ربما.واذا كانت النتيجة متقاربة، على ما تشير الاستطلاعات منذ ستة اشهر، فإن كاميرون وميليباند يمكن أن يعلنا الفوز صباح اليوم.تقاربوكتبت صحيفة "الغارديان" اليسارية، أمس، أن هذه الانتخابات "لا يمكن أن تكون اكثر تنافسية". ونشرت نتائج آخر استطلاع للرأي أجراه معهد "أي سي إم" ويظهر تعادل المحافظين والعماليين بنسبة 35 في المئة امام يوكيب (11 في المئة) والليبراليين الديموقراطيين (9 في المئة). ولم يتخذ 14 في المئة قرارهم قبل ساعات قليلة من الانتخابات.تحالفاتفي حال عدم حصول أي من الحزبين الرئيسيين على الغالبية القصوى من 326 مقعدا في مجلس العموم تبدأ مشاورات مع الأحزاب الأصغر.وفي عام 2010، تطلّب الأمر خمسة أيام للتوصل الى تشكيل حكومة ائتلافية بين المحافظين والليبراليين الديمقراطيين. ولكن يتوقع الخبراء اليوم مباحثات أكثر تعقيدا من شأنها ان تتطلب الكثير من الوقت للتوصل الى حكومة مستقرة.ويركز المراقبون على اثنين من الأحزاب الصغيرة دون سواهما، يمكن أن يؤديا الى ترجيح كفة الميزان.ويقف الليبراليون الديمقراطيون كما في عام 2010 بين الحزبين الرئيسيين (المحافظون والعمال)، إذ يمكنهم التحالف مع اليمين أو اليسار، في حال حازوا عدد مقاعد يخولهم إحداث تغيير.وعلى يسار حزب العمال، يأمل الحزب القومي الاسكتلندي بمضاعفة وجوده في البرلمان عبر الفوز بـ50 مقعدا من أصل 59 لاسكتلندا. ولكن من شأن تحالفه مع حزب العمال ان يكون مثيرا للجدل، لكون الأخير يؤيد وحدة بريطانيا، بينما يريد القوميون استقلال اسكتلندا.أما الأحزاب الصغيرة الاخرى فتعتبر هامشية الى حد ما، وبرغم حصوله على 14 في المئة في استطلاعات الرأي فقد لا يستطيع "يوكيب" تأمين سوى خمسة مقاعد مقابل مقعد واحد لحزب الخضر، وتسعة على الاقل للحزب الديمقراطي الوحدوي الايرلندي.سيناريوهاتوستطلق مختلف الأحزاب المفاوضات اعتباراً من صباح اليوم. وهناك عدة احتمالات، علما بأن الحزب الذي يفوز بأكبر عدد من المقاعد ليس بالضرورة الحزب الذي سيفوز في نهاية المطاف. وفي ما يلي السيناريوهات الأربعة الممكنة:1- حكومة ائتلاف بين المحافظين والليبراليين الديمقراطيين:سبق أن تحالف هذان الحزبان منذ 2010. وإعادة هذا السيناريو ممكنة. فقد أعلن نيك كليغ زعيم الليبراليين الديمقراطيين أنه سيتفاوض أولا مع الحزب الذي يحل في الطليعة. ووفق استطلاعات الرأي، فإن المحافظين يعتبرون الاوفر حظا للفوز بأكبر عدد من المقاعد. لكن لا شيء يؤكد أن المحافظين والليبراليين الديمقراطيين سيفوزون بـ326 مقعدا في مجلس العموم، أي تحقيق غالبية. وعند الحاجة يمكن للحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي الذي قد يحصل على 9 مقاعد على الاقل ملء الفراغ.2- حكومة أقلية محافظة:في حال فوز المحافظين بعدد كاف من المقاعد (290 على الأقل كما يقول الخبراء) فيمكن أن يقرروا تشكيل حكومة أقلية. وفي هذه الحالة سيحكمون بمفردهم، لكنهم سيحصلون على دعم محدد من أحزاب أخرى لتمرير مشاريعهم في البرلمان. ويعتبر الليبراليون الديمقراطيون والوحدويون الايرلنديون الشماليون من الشركاء المحتملين. او حتى حزب "يوكيب".3- حكومة أقلية عمالية:يمكن لحزب العمال أن يتجه نحو هذا النوع من التحالف الاكثر مرونة، لكن ايضا الهش اكثر. وحتى إن حل ثانيا بالنسبة لعدد المقاعد خلف المحافظين، فيمكنه أن يتجاوز المحافظين عبر ضمان أصوات الحزب القومي الاسكتلندي الانفصالي الذي قد يصبح القوة الثالثة في البلاد. ووعد ميليباند بأنه لن يشكل أي تحالف رسمي مع الحزب القومي الاسكتلندي الذي يعد يساريا أكثر. لكن تحالفا محددا قد يكون ممكنا اذا كان عدد نواب حزب العمال والحزب القومي الاسكتلندي كافيا لتشكيل غالبية.4 - تحالف العماليين والليبراليين الديمقراطيين:يمكن للعماليين إذا لم يخلوا بوعودهم ويشكلوا تحالفا مع الحزب القومي الاسكتلندي، الاتجاه نحو الليبراليين الديمقراطيين لتشكيل الحكومة. وعند الحاجة يمكن لهذا التحالف أن يتعزز عبر ضم نواب من حزب الخضر أو حزب ويلز "بلايد" او حتى الحزب اليساري الصغير "الاشتراكي الديمقراطي العمالي" لتشكيل تحالف متنوع جدا مخالف جدا للمحافظين.مصيريةوإذا فاز كاميرون بولاية جديدة، فسوف تثار قضية خروج بريطانيا، خامس أكبر اقتصاد في العالم، من الاتحاد الأوروبي؛ إذ انه وعد بإجراء استفتاء حول عضوية بلاده بحلول عام 2017.وفي هذا الصدد قال جين بارك، نائب رئيس "مجلس العلاقات الدولية"، إن "الانتخابات العامة ستحدد موقع بريطانيا في العالم بطريقة غير مسبوقة".كاميرون يخرج عن هدوئه «الأرستقراطي»متسلحا بنسبة شعبية لا مثيل لها ونجاحات اقتصادية مثبتة، انطلق ديفيد كاميرون في حملة الانتخابات التشريعية بشدة النبيل الذي تبتسم له الدنيا على الدوام، قبل ان يعتمد فجأة نبرة هجومية عند بروز امكانية خسارته او فوزه بفارق ضئيل.وقالت المحللة السياسية في كلية لندن للاقتصاد كيت جنكينز متفاجئة: "لفترة طويلة اوحى بأنه كان يفضل ان يكون على الشاطئ"، لكن قبل عشرة ايام من موعد الاستحقاق سجل انصار رئيس الوزراء ومعارضوه بذهول التبدل المفاجئ لخطابه وحتى "تعبيره الجسدي".هنا انتهى الخطاب الرصين، واتخذ نبرة جديدة هجومية مستندا الى شعار "اما انا او الفوضى"، مرفقاً بقبضات مرفوعة وحنك متشنج، فيما تخللت حديثه احيانا عبارات لم يكن يمكن تخيلها بالأمس. والمثال الاوضح هو عندما انتقد بلغة خالية من الدبلوماسية برنامج حزب العمال المعارض.وفي اثناء الحملة الانتخابية، ارتكب كاميرون ثلاث هفوات اعتبرت اثباتات على ابتعاده عن اعماق البلاد، فقد تناول "الهوت دوغ" بالشوكة والسكين، وأخطأ في اسم نادٍ لكرة القدم يفترض أنه يؤيده، كما زل لسانه، فقال إن "هذه الانتخابات محورية لمسيرتي... عفواً... للبلاد".ويعرف كاميرون بمرونته ايديولوجيا، وهو الذي شبه نفسه برئيس الوزراء السابق توني بلير محدث حزب العمال الذي اعتمد شعار "الاقتصاد ليس يمينا ولا يسارا"، عندما تولى رئاسة الحزب في 2005 في الـ39 من عمره، بعد 4 سنوات من انتخابه نائبا لويتني في مقاطعة اوكسفوردشير الريفية.وطرح نفسه في تلك الفترة بصورة مصلح ساع الى تبديل صورة حزبه الموروثة عن حقبة "المرأة الحديدية" مارغريت تاتشر، مؤيدا العودة الى الوسط وإلى "تيار محافظ تعاطفي" ومصمما على منح اولوية لقطاعات الصحة والتعليم والبيئة وحتى "مشاطرة ثمار النمو".وهذا الخطاب يشكل ابتعادا عن خلفية ديفيد وليام دونالد كاميرون، الذي يمثل الطبقة الراقية، فوالده وكيل تصريف عملات ثري ووالدته قاضية، وهو من سلالة الملك وليام الرابع ومتزوج من ابنة بارون، وتلقى التعليم في جامعتي ايتون واوكسفورد منشأي النخبة البريطانية.«اد الأحمر» أثبت نفسه رغم شراسة الخصومخرج رئيس حزب العمال البريطاني اد ميليباند من الحملة الانتخابية بمزيد من الشعبية، حيث اكتسب مكانته كمرشح مفضل لرئاسة الوزراء، رغم اندفاع خصومه ومهاجمة الحيز الأكبر من الصحافة له.وكتبت صحيفة «غارديان» البريطانية عنه «ايا كان اصرار وعنف اعدائه في جهودهم لهزمه، فإنه يخرج دوما بصورة جيدة. التهجم الشخصي عليه بلا جدوى. ميليباند لا يمس».وفي آخر محاولة هاجمت الصحافة المحافظة المسيطرة الى حد كبير في البلاد أمس «اد الأحمر»، محذرة من الفوضى وهجرة رؤوس الأموال في حال فوزه، وهي نتيجة يفكر فيها المراهنون والاستطلاعات بجدية.لكن في نظر العامة، بات ميليباند يتمتع بشعبية، وهذا التأييد المفاجئ حققه ادوارد صامويل ميليباند، البالغ 45 عاما، بفضل جهد حثيث بذله لتحسين صورته.وفي اطلالاته بدا مثابرا ومرتاحا، مبتعدا عن صورة التلميذ المجتهد الاخرق والمحرج التي لازمته منذ تولى رئاسة الحزب العمالي في 2010، بعد معركة مع شقيقه ديفيد الذي كان محظي المؤسسة السياسية والاقتصادية.كما اثمرت رسالته الداعية الى عدالة اكبر في البلاد، التي تشهد نسبة نمو هائلة ومستوى بطالة من الادنى في اوروبا، فتكاثرت الوظائف المؤقتة وبنوك الغذاء.واعتبرت صحيفة «ايفنينغ ستاندرد».ونشأ ميليباند، وهو ابن اكاديمي ماركسي بارز ووالدة ناشطة، في منزل متأثر بالسياسة، حيث لقي وشقيقه ديفيد التشجيع منذ سن مبكرة على المشاركة في حفلات عشاء حضرها مثقفون يساريون من مختلف انحاء العالم.وفي اثناء الدراسة بجامعة اوكسفورد كان اد ميليباند طالبا ناشطا سياسيا، وتمكن بعد فترة قصيرة من العمل كصحافي سياسي من الصعود سريعا في تراتبية حزب العمال.واثناء حكم حزب العمال قبل 2010 عمل ميليباند لصالح وزير المالية غوردن براون، الذي كانت علاقته حساسة جدا بتوني بلير، واعتبر اكثر يسارية من رئيس الوزراء آنذاك.غير ان معارضته لاستفتاء حول العضوية في الاتحاد الاوروبي لقيت تأييد عالم الاعمال، وكذلك تعهداته بدعم الشركات الصغيرة.( لندن- أ ف ب ، رويترز)
آخر الأخبار
بريطانيا تقترع... وتوقعات بإعلان «فوز مزدوج»
08-05-2015