نلاحظ أن الدولة المهيمنة تتحرك بإيقاع متناغم يبدأ من الرأس، ثم تكبر الموجة باتجاه القاعدة بشكل تدريجي، ولا وزن لما يقال سوى ما يقوله المصدر؛ لأن المفردات متشابهة والجوهر مستنسخ.
عندما تتعمد الدولة، أي دولة، حمل كل نشاط وحركة على كاهلها بما فيها الأنشطة القابلة للقسمة كالأعمال التطوعية والمبادرات الشعبية فإنها تخسر كل رصيدها في المصداقية في الداخل والخارج؛ لأن الأنظمة الشمولية في الغالب تكذب.تخيلوا دولة هلالها أو صليبها الأحمر معين من الحكومة، أو مؤسسات صحافية وإعلامية يملكها القطاع العام، تخيلوا جمعية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان أو العمال تقاد من أعضاء وصلوا إلى مجالس إداراتها بالتعيين ولا علاقة لهم بالمجال الذي نصّبوا فيه، من أين سيأتون بالمصداقية؟ أو لنقل كيف يمكنهم إقناعي بأنهم يعملون باستقلالية عن القرار الرسمي؟من هنا نلاحظ أن الدولة المهيمنة تتحرك بإيقاع متناغم يبدأ من الرأس، ثم تكبر الموجة باتجاه القاعدة بشكل تدريجي، ولا وزن لما يقال سوى ما يقوله المصدر؛ لأن المفردات متشابهة والجوهر مستنسخ، وحكومات الدول الحرة تختصر الطريق عادة وتأخذ بالموقف المعلن من رأس الدولة المهيمنة أو من صنابيرها المعتمدة عندما يريد الرأس تحسس ردود الأفعال الدولية.مأزق الدولة المهيمنة يزداد عمقا عندما تواجه أزمة بحجم الأزمة الطائفية، وبنيانها الأساسي قائم على الفكر المتشدد، وعاجزة عن تأسيس ثقافة بديلة أو موازية لخلق نوع من التوازن الفكري الذي يكفل تجميد الوضع المتشدد عند درجة عدم ظهور أشكال جديدة أكثر تشددا ومزايدة على من أوجدها، عند ذلك تطل الأزمة برأسها هازئة بمن يريد حلها، فلا الدولة المهيمنة تريد التخفيف من سطوتها على فضاءات العمل الأهلي؛ لأنه سيكشف بعض عيوبها لا محالة، ولا هي قادرة على رعاية ثقافة متسامحة وعقلانية يمكن ضبط موجاتها على ترددات البث الرسمي، والأنكى أن كل ما يصدر من الفلك الصوري لمؤسسات أهلية وشخصيات مدجنة لا يؤخذ به؛ لأنه مأمور ولا يساهم في الحل كونه جزءا من المشكلة.لو أخذنا كل ما سبق وطبقناه على الكويت لوجدنا أننا نسير باتجاه هيمنة الدولة على جميع مفاصل العمل الأهلي وبقع الرأي الآخر، واستبدلنا بالفكر المتسامح الفكر المتشدد، وأسسنا له الحواضن التي ترعاه وتمده بالحياة، وبالمقابل جففنا منابع التسامح، وأخذنا ننتحب على زمان ولى وصلابة تتجلى في المحن.في الختام لدينا المخطط الأساسي للخروج من الحفرة، وهو الدستور، ولدينا خريطة الوصول لمراتب الرفعة والمجد، الأول يحتاج إلى التفعيل والثاني يحتاج إلى طاقم بديل.
مقالات
الأغلبية الصامتة: أزمة الخروج من حفرة الطائفية
04-06-2015