مرافعة الحرب على الفساد!

نشر في 17-03-2015
آخر تحديث 17-03-2015 | 00:01
 حسين العبدالله بعد إقرار مجلس الوزراء لهيئة مكافحة الفساد الأسبوع الماضي لم يتبقَّ لدخول قانون الهيئة حيز التنفيذ سوى نشر اللائحة في الجريدة الرسمية، التي يتوقع أن تُنشر في عدد يوم الأحد المقبل ببنودها البالغ عددها ٧٨ مادة، لتعلن الكويت دخولها رسميا في مكافحة الفساد، ولتعلن منذ اليوم التالي لنشر اللائحة استقبال إقرارات الذمم المالية لجميع مسؤوليها البالغ عددهم ١٥ ألف مسؤول خلال سنة من نشر اللائحة، وإلا تعرضوا للغرامة والعزل.

الأهم في رأيي لا يتعلق بنصوص القانون ولا اللائحة، بل بقدرة الهيئة ومجلس أمنائها وجهازها التنفيذي وبحسب ما أعطى القانون لهم من صلاحيات لتفعيل نصوص القانون بكل حذافيره حتى نكون أمام واقع حقيقي ينسجم مع الأمنيات المنتظرة والمأمولة من وجود هذا الجهاز، الذي إما أن يكون عوناً للإصلاح، وإما أن يكون عوناً بصمته على الفساد، ولما كنت قريباً من رجال الهيئة وقيادييها ممن أعرفهم وخدموا القضاء ودافعوا عن القانون، فإني أرى أنهم لن يكونوا يوما إلا مدافعين عن قسمهم بتطبيق القانون كاملا، وأنهم سيواجهون بكل ما لديهم مظاهر الفساد المختلفة، وإلا فإنهم سيفضلون المكوث في منازلهم على أن يبقوا شاغلين لمقاعدهم دون أن يتمعوا بصلاحيات وسلطات حقيقية تمكنهم من أداء أعمالهم.

ونظراً للسلطات الحقيقية التي يجب أن تمارسها الهيئة فمن الضروري أن  تبتعد الحكومة ووزيرها الذي منح له القانون حق الإشراف عن الهيئة، وأن يترك لهذا الجهاز أن يمارس أعماله وصلاحياته على نحو حقيقي من الاستقلال، وأن تُبعد عنه أي مظاهر للوصاية أو التدخل المباشر أو غير المباشر حفاظاً على صورته، وكي يطمئن الجميع إلى الدور الذي يمارسه الجهاز ويتمتع به، ومثل تلك الصلاحيات لن تلقى طريقها إلا بالتأكيد فعلياً على عدم تبعية الهيئة لحكومة أو وزير، وأن الاشراف الوارد في القانون جاء لدواعٍ قانونية فقط لا لدواع تحكمية وتبعية، وإلا فقدت الهيئة بوصلتها، وأصبحت تحت وصاية الحكومة وتحت أمر وزيرها، وهو أمر برأيي لن يسمح القائمون على الهيئة بوجوده، كما لن تسمح به مؤسسات المجتمع المدني ولا ما تبقى من نواب الأمة في هذا المجلس ممن ساهموا في صدور اللائحة التنفيذية بهدف تفعيل القانون الذي قدمته الحكومة إلى المجلس كمرسوم للضرورة!

أخيراً، فإن الدور المنتظر من الهيئة هو كشف كل الذمم المالية من المسؤولين، وتلقي بلاغات الفساد والتحقيق فيها، مع التأكيد على حماية المبلغين في هذا النوع من الجرائم. ومثل هذا الدور الشاق لا يتحقق بمجرد الحديث عن الأرقام والاحصائيات فقط، بل بأن تبرهن الهيئة ورجالها، وهم قادرون، للرأي العام أنهم قادرون على التحقيق في جرائم الفساد، وأن يزرعوا الثقة في نفوس المجتمع بقدرتهم تلك بعد أن تراجعت الثقة لديه في محاربة ما يسمى الفساد بصوره المختلفة!

back to top