يعتبر المحللون أن الحكومة اليونانية الجديدة المنبثقة عن اليسار الراديكالي لا تخفي تعاطفها مع روسيا، ما يثير تساؤلات حول إمكانية حصول تغيير استراتيجي في دبلوماسيتها، لكن اليونان مع ذلك تبقى متمسكة بحزم بهويتها الأوروبية.
ومع أن حزب "سيريزا"، لم يعد يدعو إلى خروج اليونان من حلف شمال الاطلسي، فإن وزير الخارجية نيكوس كوتزياس، لفت هذا الأسبوع إلى العلاقات التاريخية التي تربط بلاده بروسيا، ودان موقف الاتحاد الأوروبي الذي وصفه بـ "المتشنج" مع موسكو.لذلك، عندما احتجت حكومة أليكسيس تسيبراس، وهو شيوعي سابق، الأسبوع الماضي على بيان للاتحاد الأوروبي يهدد موسكو بعقوبات جديدة بخصوص أوكرانيا، دون التشاور معها في هذا الخصوص، رأى المعلقون في ذلك "يداً للكرملين".لكن وزير المالية يانيس فاروفاكيس، ردّ صراحة في مدونته فكتب "هل بإمكان الصحافيين فهم أن هناك فارقاً بين الاحتجاج لعدم مشاورتنا، والاحتجاج على العقوبات نفسها؟ أم أن ذلك أمر بالغ التعقيد؟"وعبر تسيبراس أثناء زيارته قبرص أمس الأول، عن رغبته في أن تكون اليونان جسراً بين أوروبا وروسيا، لكن قسطنطين فيليس مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية في أثينا، لا يتوقع تحوّلاً استراتيجياً بالنسبة إلى هذا الملف.وقال فيليس، إن "اليونان ستغير خطابها وتحاول تعزيز علاقاتها وتطالب بإعادة التوازن إلى سياسة أوروبا إزاء روسيا، لكنني لا أرى تحولاً بـ 180 درجة في الأشهر المقبلة".ورأى فيودور لوكيانوف رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع الذي يتخذ من موسكو مقراً له، أن أولوية اليونانيين حالياً تتركز خصوصاً على الخروج من خطة المساعدة المالية. مضيفاً: "أياً يكن تعاطفهم مع بعض الأشخاص هنا، سيسعى تسيبراس إلى الظهور كمسؤول سياسي يريد حل المشكلات، وليس خلق مشكلات جديدة".وكان السفير الروسي في أثينا أول من التقى تسيبراس بعد فوزه في الانتخابات في 25 يناير ما يغذي التكهنات، لاسيما أن تسيبراس زار من جهته موسكو في مايو 2014 للقاء بعض المسؤولين أي بعد شهرين من ضمّ شبه جزيرة القرم. وعبّر هناك عن معارضته لتوسع الحلف الأطلسي نحو الشرق.وتربط اليونان بروسيا أصلاً علاقات ثقافية وتاريخية قوية جداً خصوصاً أن كليهما ينتميان إلى الكنيسة الأرثوذكسية. علاوة على ذلك فإن اليونان المحافظة في عهد رئيس الوزراء السابق أنتونيس ساماراس لم تكن مطلقاً مناهضة لموسكو.ويرى المحللون أن سخط حكومة تسيبراس بشأن بيان الاتحاد الأوروبي الأسبوع الفائت كان بالأحرى طريقة للتأكيد على أنها باتت من الآن فصاعداً محاوراً له وزنه. وإظهار ميل لروسيا قد يكون أيضاً مفيداً في وقت تستعد فيه البلاد لمفاوضات مالية بالغة الصعوبة مع شركائها الأوروبيين.إلى ذلك، فإن دعم الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قال خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه "لا يمكن الضغط إلى ما لا نهاية على البلدان عبر التقشّف المالي"، قد يشجع أيضاً أثينا على عدم الخروج عن خطها.(أثينا ـــ أ ف ب)
دوليات
أثينا تتقرب من موسكو رغم تمسكها بأوروبا
04-02-2015