وسط أزمة هي الأعنف على مدار ثمانية عقود، بدأت جماعة «الإخوان المسلمين» - المصنفة إرهابية في مصر - تعاني انشقاقات وصراعات داخلية، في وقت تشهد تراجعا حادا في شعبيتها في الشارع، فضلا عن وجود معظم قيادات الصفين الأول والثاني، بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي، في السجون على خلفية قضايا، ما أدى إلى تفجر صراع بين جناحي شباب الجماعة وقياداتها التقليدية، بسبب مطالبة الأول بضرورة انتهاج العنف ضد النظام المصري، الأمر الذي اعتبره مراقبون بداية تقارب فكري بين جماعة «الإخوان» التي فازت بخمس انتخابات تعددية عقب انتفاضة يناير 2011 وتنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ«داعش».

Ad

ومع تصاعد حدة الأزمة الداخلية لـ»إخوان مصر» خلال الأيام الماضية، تفجرت الخلافات بين أعضاء التنظيم الدولي، حيث انقسموا بين مؤيد ومعارض للإطاحة بـ«الحرس القديم» من مكتب الإرشاد في القاهرة، واتفقت قيادات التنظيم الدولي على عقد اجتماع لمناقشة الأمر نهاية الأسبوع الجاري في تركيا، في الوقت الذي رفضت فيه قيادات بحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية للجماعة، انفراد أي طرف بقيادة الجماعة.

كوادر إخوانية مطلعة أكدت لـ«الجريدة» أن الأزمة ترشح عنها ظهور «تيار ثالث» يحمّل الفريقين مسؤولية انهيار الجماعة، ما كشفه بيان صادر عن حزب الجماعة السياسي، والذي قال: «أعضاء الجماعة أمام خيارين فاشلين»، في إشارة إلى الفريقين المتصارعين، بعدما خرج القيادي الإخواني محمود غزلان، في بيان بعنوان «دعوتنا باقية والثورة مستمرة»، حيث شدد على أن السلمية هي سبيل الجماعة للنجاة.

قرارات القيادات جاءت متناقضة مع رأي الشباب، الذين رأوا أن الحل الوحيد هو الصدام والعنف ضد أجهزة الدولة، ما ترجم في تدشين هاشتاغ «لا عودة للوراء»، كما أصدر المتحدث باسم الجماعة، محمد منتصر، بيانا عبر موقع «إخوان أون لاين» الإلكتروني، أكد أن الجماعة تتمسك بالنهج الثوري.

وتوقع مراقبون وخبراء في شأن الجماعات الإسلامية، أنه في حال انتصر الشباب الداعي إلى العنف وأحكموا قبضتهم على قيادة الجماعة، فإن «الإخوان» التي تدعي دائما تمسكها بالسلمية في مواجهة ما تقول إنه «انقلاب عسكري على رئيس منتخب» ستصبح على خطى تنظيم «داعش» الجهادي.

القيادي السابق في تنظيم «الجهاد»، نبيل نعيم، أكد لـ«الجريدة» أن انقسام «الإخوان» يأتي نتيجة طبيعية لتعرضها لهزيمة قاسية، لكنه استبعد أن يؤثر الانقسام في سيطرة القيادات القديمة، مضيفا: «الإخوان هي جماعة العنف المسلح الأولى في العالم العربي، وهي الأصل الذي خرج منه جميع الجماعات المسلحة مثل داعش، وطبيعي جدا أن تستخدم العنف، فهي أول من شرعت القتل من أجل تحقيق أستاذية العالم».

في السياق، توقع الإخواني المنشق، سامح عيد، أن يلجأ شباب «الإخوان» إلى تشكيل جماعات صغيرة تنشق عن التنظيم الأم، ليمارسوا العنف والإرهاب، مؤكدا لـ«الجريدة»، أن ما يجري الآن من لجوء شباب الجماعة إلى العنف والتصعيد ضد رغبة القيادات، تكرارا لما حدث بعد أزمة التنظيم 1965، عندما خرجت عدة تنظيمات مسلحة من تحت عباءة الإخوان.

من جهته، قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد بان، إن جماعة «الإخوان» تواجه انقسامات واضحة داخل الهيكل التنظيمي لها، مؤكدا أنها تمر بأعنف أزمة لها منذ تأسيسها، مضيفا: «الدولة تنتظر وتترقب نتائج انقسامات الجماعة، لكي تقرر طريقة التعامل مع الفريق الفائز»، مرجحا أن يتجه «الإخوان» نحو مزيد من العنف.