رغبة السبكي في التحول من الإنتاج إلى الإخراج لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في تاريخ السينما المصرية. فقد حدث ذلك مع المنتج مجدي الهواري الذي أخرج فيلم «55 إسعاف» في عام 2011 من دون تصريح من النقابة، ما أدى إلى إيقاف العرض وتم التحقيق معه عن طريق النقابة ودفع غرامة مالية ليحصل على أثرها على التصريح المطلوب للقيام بهذه المهمة. كذلك تحوّل هاني جرجس فوزي إلى مخرج وقدَّم أعمالاً كثيرة من بينها على سبيل المثال «جرسونيرة»، وبدوره أخرج وليد التابعي فيلم «أزمة شرف»، فيما تولى المنتج نصر محروس إخراج «كابتن هيما»، ويُعتبر العملاقين رمسيس نجيب وحلمي رفلة من ضمن أوائل المنتجين الذين تحولوا إلى مخرجين في تاريخ السينما المصرية وأبدعا.

Ad

من ناحيته اعتبر محمد السبكي بأن ما حدث معه تكبيل لحريته الشخصية، مطالباً بأن تتاح له هذه الفرصة، خصوصاً أنه عضو في نقابة السينمائيين. وأشار إلى أنه يملك الخبرة الكافية للقيام بهذه المهمة، لا سيما أنه يشرف على أعماله السينمائية كافة ويعلم جيداً التفاصيل اللازمة في هذا المجال، مُذكراً أن كثيرين تحولوا من الإنتاج إلى الإخراج، والعكس.

وأبدى السبكي تضرره وتأثره السلبي من الواقعة، خصوصاً أنه قوبل بهجوم شديد من الوسط الفني، وقال: «رضخت لرفض النقابة رغم عدم وجود أسباب مقنعة لذلك، واستعنت بالمخرج أحمد البدري لإخراج الفيلم الذي يشارك في بطولته عمرو سعد ودرة وتامر عبد المنعم. وأثق تماماً أن البدري سيكون خير من يقوم بالمهمة، فقد تعاونا في عدد من الأعمال في أوقات سابقة».

النقيب مسعد فودة رأى أن ليس من حق السبكي القيام بمهمة الإخراج رغم كونه عضواً في نقابة السينمائيين، فهذا الحق يملكه أعضاء الشُعب المتجاورة في النقابة مثل المونتاج والإخراج والسيناريو، ولا يحق لمن يعمل في الإنتاج التحول إلى الإخراج، مشيداً بالموقف الجيد الذي اتخذه السبكي بامتثاله إلى قرار النقابة واستعانته بالبدري.

قال فودة: «لا نقف أمام أحد، لكننا نلتزم بما تمليه علينا اللوائح والقوانين الخاصة بالنقابة التي ننتمي إليها والتي حملنا أمانتها»، موضحاً أنه لو أن الأمر يحتمل لما رفض أعضاء مجلس الإدارة طلب السبكي، خصوصاً أنهم جاؤوا للعمل لمصلحة النقابة ورفعة أعضائها بعيداً عن المجاملات أو المحسوبيات، فكل ما يهمهم هو مصلحة السينمائيين.

مهنة سهلة

المخرج علي بدرخان تساءل: «هل أصبحت مهنة الإخراج سهلة إلى هذه الدرجة ليجيدها أي شخص مهما كانت خبراته ومعرفته بتفاصيلها؟»، موضحاً أن هذا ليس تقليلاً من قيمة أي شخص ولكن يجب أن يكون لكل مهنة من يحترفها ويعرف تفاصيلها جيداً، فالإخراج يحتاج إلى تفاصيل دقيقة لا يعلمها إلا من عمل بها.

أوضح بدرخان أن الإخراج يحتاج إلى رؤية مختلفة وأفق متسع لكثير من الأدوات والشخصيات، وإذا رفضت النقابة أن يعمل أحد المنتجين كمخرج فهذا ليس تقليلاً من شأنه فهو الآخر لديه من التفاصيل والإمكانات والمهارات ليكون مهنياً جديراً بعمله. فمن الصعب أن يؤدي المخرج دور المنتج أو أن يكون السيناريست مخرجاً، وإذا ركز كل شخص في تخصصه فذلك سيصبّ في مصلحة السينما المصرية».

لا مقارنة

الناقد الفني رامي عبدالرازق بيَّن أن الأخراج ليس من حق السبكي، فهو شارك في السينما المصرية بأردأ الأعمال التي استقطبت شرائح عدة، وغازل الجمهور بالغرائز عن طريق جلب راقصة ومغنٍ شعبي وبلطجي، بالإضافة إلى المخدرات وهي القاسم المشترك لجميع أعماله»، موضحاً أنه كان على السبكي كمنتج أن يعمل على ارتقاء المجتمع لا العكس».  

قال عبدالرازق: «لا يمكن المقارنة بين حلمي رفلة ورمسيس نجيب وبين السبكي، فهما نشآ في الأستديوهات. كان حلمي رفلة يعمل كمونتير أثناء فترة شبابه، بينما كان السبكي في مرحلة الشباب يقف في المسلخ، ومعلوماته وخبراته كافة تصبّ في مجال اللحوم لا السينما»، مشيراً إلى أن السبب الذي ساقته نقابة السينمائيين لرفض عمل السبكي في الإخراج ما هو إلا حجة كي لا تواجهه بالرفض الصريح، لا سيما أن كثيراً من الشباب يعملون في الإخراج أو السيناريو وهم ليسوا أعضاء في النقابة».

الناقدة الفنية ماجدة موريس رأت أن السبكي لا يملك أي مهارة لإدارة عملية الإخراج السينمائي وأنه لا يستوعب الموضوع من الأساس ويظن أن جلوسه إلى جوار المخرج أثناء التصوير والتعليمات التي يلقيها على مسامعه تسمى إخراجاً. وأضافت: «لا يمكن أن يحكم على نفسه كمخرج جيد بهذه الطريقة، فما يفعله في الأفلام أسوأ ما شاهدناه في تاريخ السينما».

تساءلت موريس: «لماذا نستسهل الفن والإخراج والسينما؟ فهل من الممكن أن يقوم أي شخص غير مؤهل بدور الطبيب أو المهندس؟»، مشيدة بالدور الجيد التي قامت به النقابة في منع هذه الجريمة التي كانت ستحدث لو أن السبكي أخرج فيلمه بنفسه، فامتلاكه النقود لا يعني أن باستطاعته التعدي على مهن الغير. وللأسف، غالبية المنتجين الجدد الذين تحولوا إلى الإخراج يفكرون بطريقة بأموالهم الخاصة (بفلوسي) تسمح لهم بذلك وليس من حق أحد الاعتراض.