سُنَّة العراق يشكلون «مرجعية» للتفاوض مع حكومة بغداد
وفود نينوى والأنبار تستعد للحوار مع العبادي
بعد ستة أشهر من وقوع مدنهم في يد تنظيم «داعش»، يحاول سنّة العراق الإفاقة من سلسلة صدمات مزقتهم سياسياً، تحت ضغط من المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي الذي ظل يسأل: من يمثِّل سُنَّة العراق، ويمتلك إلى جانب الشرعية الانتخابية، ثقلاً على الأرض، كي نحاوره، ونطلب من بغداد الاستماع إلى مطالبه؟واستطاعت أسرة النجيفي الموصلية بالعمل مع وزير المال الأسبق رافع العيساوي كأبرز سياسي من الأنبار، تنظيم مؤتمر في أربيل يوم الخميس الماضي، ضمّ أبرز الشخصيات السياسية التي لعبت دوراً في عرض مطالب السُّنَّة منذ لجنة كتابة الدستور عام 2005.
ورغم أن المؤتمر قاطعته قبائل منخرطة في قتال «داعش»، فإن حضوراً أميركياً وعراقياً رمزياً، أوحى بأن الأطراف المعنية ستعتبر هذا المؤتمر كتلة سُنيّة متماسكة، يمكن التفاهم معها لإجراء كل التدابير المتعلقة بخطط طرد «داعش»، بما في ذلك تسليح أبناء المحافظات السنيّة، ومنحهم صلاحية لامركزية في مرحلة ما بعد «داعش»، لإدارة أمنهم ومدنهم، وضمان عدم دخول ميليشيات أو قوات حكومية يقودها متطرفون شيعة إلى تلك المدن، تجنباً لأي ثأر من عشائر قد تكون تعاونت مع مسلحي «داعش»، في فترة ما. وتوجّهت رسالة المؤتمر الأساسية إلى المجتمع الدولي بشكل خاص، ومفادها، كما عبَّر أثيل النجيفي محافظ نينوى البراغماتي العائد توّاً من واشنطن بتفاهمات جيدة كما يبدو، بأن السّنة «متشوقون لقتال داعش»، وهم يطالبون بضمانات سياسية تحميهم، وبتسليح كافٍ يحقق التوازن مع «داعش» والميليشيات الشيعية في آنٍ واحد، وأن يتم ذلك عبر الدستور الذي يمنح شرعية لإقامة الأقاليم، وسبق أن منح الأكراد حق امتلاك قوة لحماية الإقليم «البيشمركة». الارتياح الأميركي لهذا المؤتمر، لأنه يوفر طرفاً سنياً يمكن العمل معه، رافقه ارتياح كردي، لأن الواجهة السياسية التي أنتجها تمثل ساسة معتدلين حرصوا على علاقات طيبة مع أربيل.أما الشّيعة، فانقسموا بين ساسة ثانويين يشكّكون في أي جهد سني ويتخوفون منه، ويريدون من بغداد أن تُحكِم قبضتها على المدن السنيّة، وهذا مسار مقارب لطهران بدرجة واضحة، في حين التزم الصمتَ القسمُ الآخر من الشيعة الذين كانوا يعارضون سياسة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، انتظاراً لما تتمخض عنه النقاشات السنيّة.إلا أن محافظ نينوى يحاول أن يقطع الشكوك ويذهب إلى بغداد، لاستئناف حوار مع رئيس الحكومة الإصلاحي حيدر العبادي، وينظم جولة تشمل لقاءات بعمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى، ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري المعروف، اللذين كانا يدعوان إلى الحوار الجدّي مع القوى السنيّة، ويرفضان تحريك الجيش لقمع ساسة الأنبار ونينوى.