سنة العراق يتمسكون بميزان سياسي جديد
مطالبهم تصطدم بقوة مع «جناح طهران» في السلطة
«يمكن لأي شيعي أن يشكّل مجموعة مسلحة، وغالباً ما يمكنها اصطياد شخصيات سنية أو حتى شيعية معارضة وتصفيتها جسدياً، بينما لا توافق الحكومة على تشكيل قوة قتالية سنية».هذا هو لسان حال «اتحاد القوى الوطنية» المظلة السنية الأكبر في البرلمان العراقي، التي قررت مقاطعة اجتماعات مجلس النواب، بعد خطف النائب السني زيد الجنابي وإعدام عمه وابن عمه من قبل مسلحين يرجّح أنهم من الميليشيات الشيعية.
الاعتداء منح «اتحاد القوى» مناسبة لفرش جردة حساب مع حكومة حيدر العبادي، بشأن الاتفاقات المتلكئة، فقد غادر الجميع حقبة نوري المالكي على أساس تفاهم وضمانات، تقضي بإعفاء الآف السُّنة من اجتثاث البعث، وإطلاق سراح آلاف آخرين يقبعون في السجون، وتأسيس قوة دفاع ذاتي للمحافظات السنية، لكن الأمور تتلكأ وسط رفض الجناح الشيعي المتشدد تقديم هذه التنازلات، وبقاء الجناح الإصلاحي بزعامة العبادي محرجاً بين الوعود التي قطعها، والضغوط التي يواجهها من «جناح طهران». وتقول مصادر سنية، إن الجناح المعتدل يحتاج إلى ضغط مكافئ كي يخرج عن صمته، ولذلك ركز السّنة اعتراضاتهم على أمرين في لقاء جمع قادتهم بالعبادي ليل الأحد- الاثنين: ضبط حركة الميليشيات الشيعية في بغداد، وإعادة كتابة قانون الحرس الوطني واجتثاث البعث، وفق الاتفاق السياسي المبرم في الخريف، لا طبقاً لشرط المقربين من طهران.ويبدو أن السنة أبلغوا واشنطن والأطراف المعنية، أنهم داعمون بإخلاص لإصلاحات العبادي، شرط الحصول على التزام جديد. وحسب بيان أصدره نائب الرئيس أسامة النجيفي، لم يعد النقاش يتعلق بالاعتداء على الجنابي، بل بعمليات «التطهير الطائفي» التي تحصل في مناطق الحرب، وعودة السنة إلى قراهم التي تسيطر عليها الميليشيات، والاعتراف بحقهم في امتلاك قوة دفاع ذاتي أسوة بالبيشمركة الكردية و»الحشد» الشيعي.التحرك السني القوي هذا، يجعل العبادي في موقف حرج بين مصالح طهران وضغوط واشنطن التي تريد ضمان تسوية مع السنة تشجعهم على الانخراط في الحرب ضد «داعش»، وهو ما لن تقبل به الأحزاب السنية دون اعتراف بقوتها سياسياً وميدانياً، يكون اعترافاً بواقع سياسي وإداري جديد.