تدور وقائع فيلم {فيلا توما} حول أسرة فلسطينية مسيحية من الطبقة الأرستقراطية، كانت تعيش في رام الله حتى احتلال إسرائيل للأراضي العربية في 1967. أبطال العمل فلسطينيون ومخرجته سها عرفات فلسطينية، إلا أن الإنتاج تولته وزارة الثقافة الإسرائيلية.

Ad

يرى الناقد عصام زكريا أن الفيلم ذو مضمون يخدم القضية الفلسطينية ويتبنى وجهة نظر العرب، مشيراً إلى أن العمل عُرض في مصر وفينسيا باسم فلسطين.

وتعجب زكريا لأن حملات النقد الشرسة والاتهامات بالتطبيع لم تطاول أعمالاً  أخرى مثل أفلام المخرجين محمد بكري وإيليا سليمان التي عرضت في مصر وعوملت على أساس أنها فلسطينية ولم يعتبرها أحد أفلاماً إسرائيلية.

واختتم بأن المخرجة سها عرفات من حقها الحصول على تمويل من إسرائيل، لأنها تدفع ضرائب لها ولمؤسساتها، ولا تتخلف عن الواجبات، مطالباً النخبة المثقفة من إعلاميين وسينمائيين على إيجاد تعريف واضح {للتطبيع} بدلاً من إطلاق الاتهامات في الاتجاهات كافة وبلا ضوابط.

من جانبه، أبدى الناقد السينمائي كمال رمزي ترحيباً بعرض الفيلم، مشيراً إلى أن الأزمة تكمن فقط في التعريف بالفيلم على أنه إسرائيلي، وتصدير ذلك عبر الملصق أو الحملات الدعائية والترويجية له، والدليل على ذلك، بحسب رأيه، هو عرض العمل في مهرجان {تورنتو} وفي مهرجان في فيلاديفيا على أنه فيلم فلسطيني وليس إسرائيلياً.

وأضاف: {لا أرى مانعاً من عرضه ما دام اعتمد على مصادر تمويل عدة كانت إسرائيل من بينها، ما يؤكد أنه ليس فيلماً إسرائيلياً خالصاً، مطالباً بما سماه {تغيير النظرة} والتيقن من أن عرب 48 ليسوا إسرائيليين، ولكنهم جزء لا يتجزأ من العرب. وأبدى اندهاشه قائلاً: {كيف نتجاهل أعمالهم ونهملها!}.

فيما اختلف مع هذا الطرح تماماً الناقد طارق الشناوي، معبراً عن انزعاجه مما سماه {محاولات التطبيع المكشوفة}، قائلاً: {بعيداً عن حديث الأيديولوجيات والانتماءات، فإنه رسمياً يوجد قرار من الجمعية العمومية للنقابات الفنية واتحاد الفنانين العرب منذ 35 عاماً يحتم على الجميع عدم مد يد العون على المستويات الفكرية والثقافية والسينمائية كافة مع إسرائيل، نظراً إلى أن الثقافة هي النافذة الشعبية الوحيدة التي ما زالت صامدة في وجه العدو الإسرائيلي، إضافة إلى أن الثقافة تؤدي دوراً لا يمكن إنكاره في تعميم الفكرة شعبياً والتمسك بها}.

وتابع الشناوي أن الأعمال التي تكون مزدوجة الأبعاد ومهجنة، عربية في بعضها وإسرائيلية في بعضها الآخر، تظل جزءاً من التراث الإسرائيلي ويحافظ الإسرائيليون عليها جيداً ويتمكنون من توظيفها وقتما يشاؤون وكيفما أرادوا، مضيفاً: {فيلم {فيلا توما} سيظل في أرشيف السينما الإسرائيلية كجزء لا يتجزأ منها، ومحاولات مخرجته الادعاء بأن ذلك يخدم القضية، وأنها {فلسطينية والفيلم فلسطيني} لن يمنع من كونه عملاً ذا طابع إسرائيلي ولن ينفي عنه هويته الإسرائيلية} .

أضاف: {سبق وأن رفض مهرجان {القاهرة السينمائي الدولي} و{أبوظبي السينمائي} في دورته الأولى عرض فيلم {زيارة الفرقة} الإسرائيلي، رغم أن أحداث الفيلم تتعاطف مع الشخصية العربية، والمصرية تحديداً، موضحاً أن المهرجانات العربية كافة رفضت عرض فيلم للمخرجين الفلسطيني عماد برناط والإسرائيلي جاي دافيدي {خمس كاميرات محطمة}، رغم تمكنه قبل ثلاثة أعوام من الوصول إلى القائمة القصيرة في الأوسكار، ولم يعرضه سوى مهرجان {الرباط}، ما شكَّل {خروجاً عن الإجماع العربي}.

واختتم الشناوي رأيه بالمطالبة برفض عرض أفلام حولها جدل يتعلق بقضايا كالتطبيع، وأن ما حدث يعد اختراقاً لقرار لا يجوز أن تأخذه إدارة مهرجان منفردة، مطالباً بتوقيع عقوبة رادعة على من يكسر قرار الجمعية العمومية للنقابات الفنية .

يُذكر أن النجم نور الشريف كان قد طالب بضرورة إعادة النظر في قرار النقابات الفنية العربية بمقاطعه أعمال الفلسطينيين من عرب 1948، لأنهم لم يختاروا الحصول على جنسية أخرى أو التعامل مع جهات غير إسرائيلية، لإنتاج أعمالهم، مؤكداً ضرورة النظر والحكم النهائي على فنهم وما يقدمونه إذا كان مؤيداً للقضية الفلسطينية ومقاوماً للاحتلال الإسرائيلي أم مناصراً له.