«الاستئناف» في حكم بارز: يجوز للصحافة نقد الموظف ومساءلته... والقانون لا يحمي إلا الحياة الخاصة
«نشر الجريدة• كتاب مجلس إدارة الخطوط الكويتية ضد النصف مباح»
اعتبرت محكمة الاستئناف أن نشر «الجريدة» كتاب إدارة «الكويتية» ضد رئيس مجلس إدارتها السابق يأتي في إطار «التناول الحميد» الذي لا ينطوي على أي اساءة للنصف.
في حكم بارز لها، أكدت الدائرة الجزائية الثانية في محكمة الاستئناف، أن المشرع الكويتي في قانون المطبوعات والنشر قرر حماية الحياة الخاصة للموظف العام أو المكلف بالخدمة العامة، إلا أنه لم يقرر حماية غيرها، وإنما فصل بين حياة الموظف الخاصة من جهة، وصفته العامة وأعماله وأقواله المتعلقة بوظيفته وخدمته العامة من جهة أخرى، والتي يجوز أن تكون محلا للنقد المباح أو التوجيه أو المساءلة؛ سواء في وسائل الإعلام أو من الأفراد العاديين، وذلك تحقيقا للصالح العام، وتمكينا للصحافة من القيام بدورها البناء في خدمة المجتمع بإلقاء الضوء على السلبيات لتجنبها.جاء ذلك في حيثيات الحكم الذي أصدرته المحكمة، برئاسة المستشار نصر آل هيد، وعضوية المستشارين سرور برغل ومحمد شتا، والذي انتهت فيه إلى الحكم ببراءة الزميل رئيس تحرير «الجريدة»، خالد هلال المطيري من تهمة القذف الموجهة إليه من النيابة العامة، بناء على الشكوى المقامة ضده وعدد من أعضاء مجلس إدارة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية من قبل رئيس مجلس إدارة المؤسسة السابق سامي النصف.وأضافت المحكمة أن قانون الجزاء الكويتي أكد في المادة 214 أنه لا جريمة إذا كان القذف يتضمن واقعة تقدر المحكمة أن المصلحة العامة تقتضي الكشف عنها، ويدخل في هذه بوجه خاص إذا تضمنت الأقوال او العبارات إبداء الرأي في مسلك موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة بشأن واقعة تتعلق بأعمال وظيفته أو بالخدمة المكلف بها، بالقدر الذي تكشف عنه هذه الواقعة، واستلزم المشرع حسن نية الفاعل باعتقاده صحة الوقائع التي يسندها وقيام اعتقاده على أسباب معقولة، وبعد التثبت والتحري واتجاه إرادته الى حماية المصلحة العامة وباقتصاره في ما صدره منه على القدر اللازم لتلك الحماية.وفي ما يلي نص حيثيات حكم «الاستئناف»:أكدت المحكمة، في حيثيات حكمها، أن المشرع الجزائي، إذا كان قد حظر نشر كل ما من شأنه المساس بالحياة الخاصة للموظف أو المكلف بخدمة عامة أو نسبة أقوال أو افعال غير صحيحة له تنطوي على تجريح لشخصه او الإساءة اليه، وفق ما جرى به نص الفقرة الثامنة من المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر، فإنه لا يستطيل النص المذكور بالحماية إلى غير الحياة الخاصة للموظف أو المكلف بالخدمة العامة.وبينت أن المشرع فصل بين حياة الموظف الخاصة وبين صفته العامة وأعماله وأقواله التي تتعلق بوظيفته أو بالخدمة العامة، والتي يجوز أن تكون محلا للنقد المباح أو التوجيه أو المساءلة؛ سواء من وسائل الإعلام او من الأفراد العاديين، وذلك تحقيقا للصالح العامة، وتمكينا للصحافة من القيام بدورها البناء في خدمة المجتمع بإلقاء الضوء على السلبيات لتجنبها، وعدم التردي فيها، وهو ما يتسق مع ما انتهجه المشرع أيضا في معالجته لجريمة القذف، فنص صراحة في المادة 214 جزاء على أنه لا جريمة إذا كان القذف يتضمن واقعة تقدر المحكمة أن المصلحة العامة تقتضي الكشف عنها.وذكرت أنه يدخل في هذه الحالة، بوجه خاص، إذا كانت الأقوال او العبارات تتضمن إبداء الرأي في مسلك موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة بشأن واقعة تتعلق بأعمال وظيفته أو بالخدمة المكلف بها بالقدر الذي تكشف عنه هذه الواقعة، واستلزم المشرع حسن نية الفاعل باعتقاده صحة الوقائع التي يسندها وقيام اعتقاده على أسباب معقولة، وبعد التثبيت والتحري واتجاه إرادته الى حماية المصلحة العامة، وباقتصاره في ما صدر منه على القدر اللازم لتلك الحماية.وأضافت المحكمة، في حيثيات حكمها: «ومتى كان ذلك وكان ما أسندته النيابة العامة للمتهم الخامس من قيامه بصفته رئيس تحرير وكاتبا بنشر خبر تحت عنوان (مجلس «الكويتية»: تم تضليلنا)، ضمنه ما حواه الكتاب الصادر من المتهمين الأربعة الأول للسيد وزير المواصلات على التفصيل الذي عرض له الحكم المستأنف، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي المدني موظف عام، وكل ما ورد في الخطاب ونسب إليه متعلق بأعماله الوظيفية وبمرفق حيوي من مرافق الدولة، وأن المصلحة العامة تقتضي الكشف عنها، فقد ثبت منها بجلاء حسن نية المتهم رئيس تحرير الجريدة، وعدم وجود خلافات بينه وبين المدعي المدني». تناول حميدورأت المحكمة أن رئيس تحرير «الجريدة» «تناول الخبر تناولا حميدا بنقله كمعلومة محددة وقعت وحدثت بالفعل، من دون تدخل منه بتعليق أو بتحليل، لاعتقاده بصحة ما دون في الخطاب وتثبيته أنه صادر عن المتهمين الأربعة الأول، بصفتهم أعضاء بمجلس إدارة شركة الخطوط الجوية الكويتية، بناء على طلب الوزير المختص، وهو صاحب سلطة الرقابة والتوجيه عليهم، وعلى المدعي المدني وهو صاحب سلطة الرقابة والتوجيه عليهم وعلى المدعي المدني، وهو ما تستخلص منه المحكمة حسن نية المتهم واعتقاده بصحة ما تضمنه الخطاب من وقائع لتثبته من صدوره عنهم». وزادت: «وعما حواه الخطاب وما سرده من سلبيات شابت عملية إتمام صفقة الطائرات المستعملة التي كان مزمعا شراؤها من شركة جت إير ويز الهندية، فإن غاية المتهم الخامس من نشره كانت تحقيق الصالح العام بإلقاء الضوء عليها، لتكون تحت سمع وبصر المسؤولين لاتخاذ ما يرونه حيالها وتجنيب المجتمع مخاطرها».وقالت المحكمة إن ما نسب إلى المتهم الخامس، رئيس تحرير جريدة «الجريدة»، «لا يخرج عن نطاق المباحات، ويندرج ضمن النقد المباح وبمنأى عن دائرة التأثيم القانوني، مما يستوجب القضاء ببراءته مما أسند اليه، وبرفض الدعوى المدنية قبله، لانتفاء الخطأ من جانبه لذات الأسباب السالف إيرادها، وإذ لم يلتزم الحكم المستأنف هذا النظر وطبق على الواقعة الفقرة السابعة من المادة 21 من القانون سالف الذكر، فإنه يكون قد تنكب عن الطريق الصحيح، وتقضي المحكمة بإلغائه وببراءة المتهم مما أسند إليه، وبرفض الدعوى المدنية المقامة ضده، وإلزام المدعي المدني بمصروفاتها ومقابل أتعاب المحاماة».استئناف النيابة وسامي النصفعن استئناف النيابة العامة والمدعي المدني سامي النصف، على ما قضى به الحكم المستأنف من براءة للمتهمين الأربعة، ورفض الدعوى المدنية المقامة قبلهم، قالت المحكمة إن الثابت من تحقيقات الدعوى وبإقرار المتهمين الأربعة انهم قاموا بتحرير الكتاب موضوع الخبر محل الاتهام لوزير المواصلات، بناء على طلبه، لشرح ملابسات موضوع شراء الطائرات، وأن كل ما جاء به صحيح وواقع، وجاء ردا على أسئلة واستفسارات الوزير، ودفعوا بانتفاء قصد الإساءة الى المدعي المدني، نافين صلتهم بواقعة النشر».وأضافت المحكمة إنه «إذ خلص الحكم المستأنف بحق الى القضاء ببراءتهم مما أسند إليهم، وبرفض الدعوى المدنية قبلهم على سند من انتفاء صلتهم بواقعة النشر، فإليه تضيف هذه المحكمة أن ما أسنده المتهمون للمدعي المدني في الكتاب موضوع الاتهام يدخل في نطاق المباحات، باعتباره بمنزلة شكوى مقدمة لوزير المواصلات، بوصفه بحكم القانون صاحب سلطة الفحص والحكم في الشكاوى المتعلقة بمسلك المدعي المدني أثناء أدائه عمله، وتقتضي المصلحة العامة الكشف عنها».ورأت بناء على ذلك «انتفاء أركان الجريمة المسندة اليهم، وإذ لم يأت استئناف النيابة العامة والمدعي المدني بما ينال من سلامة ذلك القضاء، فإن المحكمة تقضي برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف في ما انتهت إليه من قضاء».