الوضع العام الذي نعيشه الآن في الكويت يُذكرني بعهد مضى، حزين، عنوانه العام «خذوه فغلوه»، من دون أن يكون هناك اعتبار أو مراعاة للحق والعدالة والإنسانية، بالاعتقال و«البهدلة» والجلد المفرط من دون حسيب أو رقيب، لأن ذلك يخضع لأمزجة المسؤولين والتافهين من الأتباع، فلا محاكم ولا قضاة ولا محامين.

Ad

طريقة الاعتقال تتميَّز بـ«البهورة»، فمثلاً عندما يُراد اعتقال شخص ما وهو على سفر، ويُسمح له بدخول الطائرة، وعندما تبدأ التحرُّك متجهة إلى المدرج، تصدر الأوامر بإيقافها، ليقتحم رجال الأمن الطائرة، للقبض على المتهم، وأمور شائنة أخرى لا أسمح لنفسي بذكرها، احتراماً للقارئ.

دعونا نسرد أمثلة مماثلة متطابقة لما كان يحدث في السابق، على الرغم من الوهم - عند البعض - أننا في دولة ديمقراطية لديها دستور، يفترض أنها تحترم المواطن وحرياته، كما تنص مواد الدستور.

هل يتذكر الجميع طريقة وأسلوب اعتقال د. ناصر صرخوه، وكيف تمّ؟ فقوات الأمن لم تذهب إليه في بيته أو في مقر عمله بالجامعة، بل اعتقلته عندما كان في طريقه لأداء مهمته السامية بالتعليم، حيث قامت الأجهزة الأمنية بتطويق طريق الدائري الخامس، المكتظ بالسيارات، وقامت بإيقاف السير واعتقلته، وكأنه مجرم مدجج بالأسلحة الفتاكة.

واليوم، د. سعد بن طفلة، الذي اعتُقِل في المطار، وهو عائد إلى بلده الكويت مع زوجته من العمرة، والله عيب! لنلاحظ... كان عائداً، وليس هارباً من الكويت، بتهمة لم يسمع بها بن طفلة، الأستاذ في الجامعة والوزير السابق.

ألم تجد السلطة طريقة حضارية مناسبة تليق بمكانته العلمية والسياسية غير هذه؟!

وكذلك صالح الملا، الشاب والنائب السابق، قضى أياماً في الاعتقال، متنقلاً بين أجهزة الأمن والنيابة العامة، للتحقيق ساعاتٍ طويلة، خلال فترة حجزه، وهذا سجن حقيقي، مهما حاولوا تسميته، فهو مواطن لا يشكّل خطراً على المجتمع وأمنه حتى يتم حجزه... أليس في ذلك اعتداء على سلطة القضاء، الذي وحده له الحق في تحديد العقوبة وتقديرها؟!

وهناك الكثير من الشباب القابعين في السجون، بسبب آراء طرحوها - وإن كنا لا نتفق معهم - لم تشكّل جرائم سب وقذف، وهم ينتظرون دورهم أيضاً.

إن السكوت عن هذه الإجراءات يعطي لأجهزة الأمن استثنائية غير موجودة، إلا في الدول ذات الطبيعة الديكتاتورية... كل هذا من دون أن نذكر سحب الجنسية أو منحها وفق أمزجة السلطة.

أعتقد أننا وصلنا اليوم إلى وضع لا يمكن قبوله أو السكوت عنه، إطلاقاً، وأصبح لزاماً على الجميع التحرُّك، لإنقاذ بلدنا العزيز من محنته هذه.