يُفترَض ألا تسكت الجامعة العربية على «الشتائم» التي وجهتها واشنطن، على لسان الناطقة باسم الخارجية الأميركية ميري هارف، إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لأنه طالب في خطابه من فوق منصة الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة، فـ«أبو مازن» كان قد أبلغ هذه الجامعة في اجتماع عقدته في مقرها بالقاهرة عشية سفره إلى نيويورك كلَّ ما قاله في خطابه هذا الآنف الذكر، الذي أغضب إدارة باراك أوباما فخرجت عن طورها وهاجمته هجوماً عنيفاً... بالطبع دفاعاً عن إسرائيل.

Ad

لا يجوز أن تسكت الجامعة العربية، ولا يجوز أن يسكت العرب عمَّا قالته الناطقة باسم الخارجية الأميركية دفاعاً عن إسرائيل ودفاعاً عن الاحتلال الإسرائيلي، فالآن هو وقت الضغط على الولايات المتحدة لتتسم مواقفها تجاه القضية الفلسطينية ببعض التوازن، ولكي تضرب طفلها المدلل، أي هذه الدولة المتمردة، ولو ضربة «تغنيج» خفيفة على طرف يده ليثوب إلى رشده، ويدرك أن هناك مستجدات كثيرة في هذه المنطقة، وأنه لم يعد يحق له ما لا يحق لغيره.

كان على الجامعة العربية قبل إصدار إدانتها للإرهاب «داعش» وغير «داعش» كـ«الإخوان المسلمين» مثلاً، أن تؤكد للأميركيين أولاً وللأوروبيين ثانياً، أنَّ أبشع وأقذر إرهاب تشهده هذه المنطقة هو الإرهاب الإسرائيلي... فهناك الذي جرى في قطاع غزة مؤخراً، وقبل ذلك هناك كل ما يجري في الضفة الغربية يومياً منذ أكثر من أربعين عاماً، وهناك مذبحة صبرا وشاتيلا، وهناك كل ما ارتكبته العصابات الصهيونية من مجازر واغتيالات، من بينها اغتيال الـ«كونت برندوت» قبل إعلان هذه الدولة الإسرائيلية وبعد ذلك.

لقد كان على العرب أن «يشرطوا» مشاركتهم في هذا التحالف الدولي المعادي لـ«داعش» ولباقي التنظيمات الإرهابية... وما أكثرها، بتعهدٍ أميركي واضح وملزم بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها في يونيو عام 1967، ومن ضمنها القدس الشرقية، وهي الأراضي التي تعترف واشنطن بأنها محتلة، والتي اعترفت الأمم المتحدة بأنها الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال.

كان يجب أن يفعل العرب هذا بكل وضوح وصراحة وبلا خجل ولا وجل، فالآن هو الوقت الملائم جداً لإفهام الولايات المتحدة أنها إنْ هي بقيت تتمسك بإسرائيل وتدافع عنها ظالمة ومظلومة، وهي، أي إسرائيل، ظالمة دائماً وأبداً، فإن عليها أنْ تختارها حليفاً لها في هذا التحالف الدولي المضاد للإرهاب، وعليها أن تترك الدول العربية وشأنها، وذلك لأنه لا يجوز أن تبقى إسرائيل تسرح وتمرح على هذا النحو، وأن تبقى طفل أميركا المدلل الذي له الحق أن يفعل ما يشاء، وأنْ يبقى يحكم شعباً احتل أرضه بالقوة، في حين زال الاستعمار من كل الكرة الأرضية.

إنه لا يجوز أن يصمت العرب كل هذا الصمت تجاه الكلام الذي أسمعته الناطقة باسم الخارجية الأميركية للرئيس محمود عباس وللشعب الفلسطيني، كما لا يجوز أن «يغطرش» العرب، كعادتهم، عن هذه الحملة التي شنتها وتشنها إدارة أوباما على (أبو مازن) دفاعاً عن إسرائيل، الدولة المتمردة على كل القرارات الدولية المتعلقة بالصراع في الشرق الأوسط وكل القيم الإنسانية... الآن يجب أن يقول العرب للولايات المتحدة: «إمَّا نحن وإمَّا هذه الدولة التي تمارس إرهاباً لا مثيل له ضد الفلسطينيين، والتي تحتل أرضهم بالقوة وبالحديد والنار»... الآن يجب أن يسمع الأميركيون مثل هذا الكلام، وأن يفهموا أن العرب ليسوا «قطاريز» عندهم!