ساعات في الدوحة

نشر في 06-12-2014
آخر تحديث 06-12-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي قام الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي بزيارة لم يعلن عنها إلى الدوحة بقطر، حيث كان الشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر، الذي تجاوز البروتوكول، بنفسه على رأس مستقبليه، وكانت مدة الزيارة مجرد ساعات قليلة، غير أنها كانت كثيرة النتائج، ولاشك بالطبع أنها زيارة غير عادية، وتأتي تتويجاً لمساعي المصالحة الخليجية لوأد الخلاف المؤسف المعروف.

 وحتى نضع النقاط على الحروف، فإنه كان واضحاً أن مجرد الزيارة هو إعلان رسمي بانتهاء الخلاف، وظهر واضحاً من خلال صور الزيارة، التي تم تداولها، الصفاء بين الأشقاء، حيث كانت الابتسامات هي عنوان تلك الصور، ولفتت نظري صورة تجمع بين الشيخ تميم والشيخ محمد بن زايد مع الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، حيث يستمعان له في حديث باسم، في وقت ربط كثيرون هذه الابتسامات أثناء الحديث بفوز منتخب قطر المستحق في دورة الخليج التي انتهت قبل أيام.

 وبالطبع لا أستبعد حديث الشيوخ الثلاثة عن هذه الدورة، فالشيخ تميم كان مسؤولاً قبل سنوات قليلة عن الكرة القطرية، والشيخ محمد بن زايد كان أيضاً مسؤولاً عن نادي العين الشهير (وأظنه لا يزال داعماً رئيسياً له) في الإمارات، وأتذكر أنه عندما فاز نادي العين بكأس آسيا للأندية قبل سنوات، وتم تتويجه في المباراة النهائية باليابان، وكان وقتئذ الشيخ محمد بن زايد مرافقاً لبعثة الفريق هناك، عاد معها في نفس الطائرة، متوجين حاملين الكأس، ولا ننسَ أيضاً أن طرف الصورة الثالث هو من يعرف بشيخ الشباب في قطر الشيخ جاسم، والذي كان حاضراً للمباراة النهائية لكأس الخليج في الرياض، إذن ليس بعيداً أن تكون "المستديرة" حاضره في هذه الابتسامات الأميرية.

أرجع إلى زيارة الساعات التاريخية، إذ إنها كانت حلقة أخيرة في مساعي الصلح، وكانت تلك الزيارة طيّاً رسمياً لهذا الخلاف المؤسف، غير أن هناك عدة أسئلة تتبادر إلى ذهن المراقب: ما النقاط الخلافية التي تم الاتفاق حولها؟ وما النقاط التي تم ترحيلها؟ وهل استمرار إقامة بعض قياديي "الإخوان" في الدوحة أمر مؤقت انتظاراً لمغادرة متوقعة؟ أيضاً لاتزال "قناة الجزيرة مصر مباشر" تبث وبنفس "الرتم" والخط المعروف عنها! إذن ظاهرياً لم يتغير شيء، وهذان البندان هما نقطتا خلاف مهمتان بين البلدين.

بالطبع كان الخلاف الأساسي بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، لكنه كان أكبر بين الإمارات وقطر، هذا ما تبين واتضح من المساعي الأخيرة لحل الخلاف التي قام بها مشكوراً سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، وبمساندة من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

قد يقال إن أسباباً رئيسية أخرى هي التي ساعدت في إنهاء الخلاف، ويقصد بذلك تنظيم "داعش" وتخبط إدارة أوباما في علاقاتها بالمنطقة، خاصة في العراق وسورية، وقد يكون ذلك صحيحاً، لكننا لا ننسى أيضاً تعاظم النفوذ الإيراني ومكاسب إيران الهائلة في أربع عواصم إقليمية في ظل سكوت أميركي مبهم، قد يكون علامة للرضا!

وهذه العناصر لابد أن يكون لها تأثير، ولا ننس أن الانخفاضات الكبيرة في أسعار النفط ستكون راهناً حاضرة في النقاش، لأن النفط هو السلعة رقم واحد التي تعتمد عليها اقتصادات المنطقة، أي أننا أمام لقاء عناوينه ملفات إقليمية ودولية قد تمتد إلى ليبيا (إن تطلب الأمر)، فضلاً عن ملفات اقتصادية، على رأسها النفط، وأيضاً لن يُترَك الحديث حول الغاز القطري.

لاشك أن مبادرة زيارة ولي عهد أبوظبي لدولة قطر كانت في محلها، وقراراً صائباً، لاسيما أن ما يجمع الدولتين أكبر بكثير من مجرد خلاف أصبح عابراً.

ما أتمناه أن يكون هذا الخلاف، الذي أصبح رسمياً جزءاً من الماضي، هو الأخير بين دول مجلس التعاون الخليجي، وإنني إذ أؤكد أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وهو أمر صحي أيضاً، فإن على دول المجلس أن تلتفت إلى ما يجمعها وإلى مصالحها وعدم السماح لأي اختلاف بأن يتحول إلى خلاف، والقمة الخليجية ستعقد في الدوحة بحضور كامل بإذن الله، وكل عام وأهل الخليج بخير.

back to top