«شارلي إيبدو» ورد الفعل
ردود الأفعال في العالم الإسلامي مع قضية «شارلي إيبدو» تخبطت كثيراً، لذلك لحق اللوم بالمسلمين بصورة جعلت من محرري الصحيفة المشؤومة أبرياء، وكأن أقلامهم لم تخط تلك الرسومات اللعينة، عوضاً عن وضعهم في قفص الاتهام، ومقاضاتهم على ما ارتكبوه من جريمة مفتراة تمس مشاعر أكثر مليار ونصف المليار مسلم.
الإساءة إلى الإسلام في بلاد الحريات تحصلت على يد "شارلي إيبدو"، والنتيجة التي سعت إليها نجحت في تصوير العرب والمسلمين بأنهم رعاع لا يعرفون سوى القتل، وكأن مشاهد القتل اليومي في بلاد المسلمين لا تكفيهم.هذه الصورة لن تثني ردود فعل المسلمين على كل من تسول له نفسه النيل من كرامة الرسول، فالفتاوى التي بين أيدي عامة المسلمين واضحة، ولا يوجد فيها أي لبس، فالذي يتعدى على مقام الرسول الأكرم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم عقوبته القتل، وهي ردة الفعل الطبيعية والمتوقعة لمن يجرؤ على انتهاك مقامه الكريم. بلاد الحريات تعاقب من يتحدث عن الألوان وتصبغه بالعنصرية، وتعاقب من يسخر من اليهودية بحجة معاداة السامية، أما إذا سخرت من الإسلام والديانات والرسل فحرية الاعتقاد الضمانة، كما جاء على لسان كاميرون، وكأنه مخطط أريد به ضرب القيم الدينية. نعود إلى ردود الأفعال والتحرك المطلوب من العالم الإسلامي الذي تخبط كثيراً في تعامله مع هذه القضية، والتي رمت اللوم على المسلمين بصورة جعلت من محرري الصحيفة المشؤومة أبرياء، وكأن أقلامهم لم تخط تلك الرسومات اللعينة، عوضاً عن وضعهم في قفص الاتهام، ومقاضاتهم على ما ارتكبوه من جريمة مفتراة تمس مشاعر أكثر مليار ونصف المليار مسلم. الدول الإسلامية والعربية لم تحرك ساكناً مع ثقلها ووجودها في المحافل والمنظمات الدولية، وما تملكه من علاقات دبلوماسية واقتصادية تستطيع من خلالها تقديم قانون يعاقب كل من يتطاول على المعتقدات الدينية؛ عملاً بالنهج القرآني وبقوله تعالى "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" سورة (الكافرون). معنى مفهوم التعايش السلمي في الإسلام يكمن في إظهار رحمة النبي مع سائر الخلق، وتقع مسؤوليته على الإعلام العربي والإسلامي المقصر في نشر تلك الثقافة التي عمل على تطبيقها الرسول الكريم، وقضى حياته في تكريس مبادئها رغم كم الأذى الذي تعرض له في دعوته العظيمة وحياته الشريفة.اللوم الآخر أود تحميله على عاتق دعاة المسلمين الذين استنزفوا كل طاقتهم في محاربة المسلمين وتكفيرهم واستباحة دمائهم، بدلاً من نشر ثقافة التسامح التي دعا إليها رسول الرحمة، والطامة في نظري لا تقتصر على أولئك الدعاة، فثم آخرون يطالبون المسلمين بالتغاضي عن كل ما يمس القيم الإسلامية، خصوصاً تلك الصادرة من بلاد غير المسلمين، مبررين ذلك العمل من خلال الكيفية التي تعاطى بها الرسول مع المنافقين في مفارقة عجيبة ومن منطق أغرب.نصيحة للشباب المتحمسينكثرت في الآونة الأخيرة القضايا المرفوعة ضد بعض الشباب ممن يرى في البرامج والمواقع الاجتماعية متنفساً لإطلاق ما يحمله من أفكار حول ما يدور في الساحة السياسية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى الحذر، خصوصاً بعد صدور قانون المرئي والمطبوع، فهناك أشخاص محترفون مهمتهم إيقاع الشباب في الفخ، ثم رفع القضايا إما بحثاً عن الشهرة أو لكسب الأموال، وفي كلا الحالتين الحذر مطلوب.ودمتم سالمين.