هل غيَّرت الحكومة المصرية نظرتها إلى الثقافة؟
بعد مؤتمر الإبداع ولقاء الرئيس المثقفين
شهدت القاهرة حراكاً ثقافياً ملموساً من السلطات المصرية تمثل في مؤتمر موسع حضره رئيس الوزراء بعنوان «الإبداع مستقبل مصر»، بالإضافة إلى لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي نخبة من المثقفين والأدباء. في السطور التالية نتعرف إلى إجابات ورؤى المثقفين والمبدعين حول هذا الحراك ومدى تأثيره على الواقع الثقافي.
شهدت القاهرة حراكاً ثقافياً ملموساً من السلطات المصرية تمثل في مؤتمر موسع حضره رئيس الوزراء بعنوان «الإبداع مستقبل مصر»، بالإضافة إلى لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي نخبة من المثقفين والأدباء. في السطور التالية نتعرف إلى إجابات ورؤى المثقفين والمبدعين حول هذا الحراك ومدى تأثيره على الواقع الثقافي.
قال الشاعر جمال بخيت، الذي أدار الجلسة الأولىلـ«مؤتمر الإبداع مستقبل مصر»، إن الدولة غيَّرت رؤيتها تجاه الأدب والثقافة، وظهر ذلك واضحاً خلال الفاعلية حيث وعد المسؤولون بتنفيذ التوصيات كافة الصادرة عن المؤتمر، لا سيما في ما يخص حماية الملكية الفكرية للمبدع والمنتج والناشر، وتم فعلاً تشكيل لجنة دائمة لتنفيذ ما اتفق عليه ممثلة بقيادات حكومية أبرزها وزير التخطيط والثقافة ورئيس هيئة الكتاب وعدد من المثقفين والفنانين الذين سيشرفون بأنفسهم على التنفيذ.
تابع بخيت: {يطالب البيان الصادر في ختام المؤتمر بتعديل القوانين كافة التي تحول دون القضاء على مشكلات قرصنة النشر وحقوق الملكية الفكرية للتأليف والترجمة، وإلزام وزارة الداخلية بتطبيق القانون الخاص بالضبطية القضائية بشكل حازم في ما يخص مصادرة الكتب وتشميع المطابع التي تنتهك حقوق الملكية الفكرية للغير، وتخصيص 1% من الاشتراك السنوي لأعضاء الأندية لصالح تزويد المكتبات بصفة دورية.يستكمل بخيت كلامه: {طالب المجتمعون بإقامة أنشطة تحفز على القراءة، وإلزام تزويد مكتبات الجامعة مباشرة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وعودة مشروع القراءة للجميع بوصفه مشروعاً مهماً لتنمية عادة القراءة لدى المواطنين، خصوصاً الأطفال، والاهتمام بدعم مشروع مكتبة الأسرة من الوزارات والهيئات المختلفة.طالب البيان أيضاً، بحسب بخيت، بأن تصدر اللجان المختلفة في المجلس الأعلى للثقافة قائمة سنوية بأفضل 20 كتاباً في كل مجال كدليل استرشادي للأسر المصرية، بالإضافة إلى إطلاق مشروع إلكتروني بعنوان {الكتاب هديتك} بهدف أن يكون الكتاب ضمن ذهنية المواطن عند شراء هدية.دعم الثقافة من جانبه يرى الروائي طارق إمام (أحد الحاضرين في لقاء الرئيس السيسي) أن لقاء الرئيس المصري كان مثمراً، وتمَّت خلاله مناقشة الثقافة بمعناها الواسع للاتفاق على السبل التي تؤدي إلى تطورها وتقدمها بعدما وعدهم الرئيس بتخصيص ميزانية مفتوحة لدعم الإنتاج الثقافي في مصر خلال السنوات المقبلة، موضحاً أن الرئيس يدرك جيداً قيمة الفن والثقافة ويعرف أن تقدم البلاد متوقف عليها بنسبة كبيرة.يشير إمام إلى أن السيسي طلب وبشكل عاجل ورقة عمل تتضمن الأفكار والرؤى المختلفة للنهوض وتفعيل الدور الحقيقي لقصور الثقافة، خصوصاً في المحافظات بوصفها المتنفس الوحيد لأبناء الأقاليم من المبدعين، مشيراً إلى أنهم طرحوا أفكارهم وتمَّ التأكيد على العلاقة الوثيقة بين التعليم والثقافة وأنه لا تعليم من دون الاهتمام بالثقافة والأعمال الأدبية البارزة.الناقد الأدبي الدكتور مدحت الجيار استبشر خيراً بعقد فاعليتين ثقافيتين في غضون أيام قليلة، ويرى أن الحكومة المصرية تعرف الدور المنوط بها لذلك هي عازمة على إزالة الآثار السلبية للثلاث سنوات الماضية بعدما تمَّ تدمير كثير من المكتسبات الثقافية على يد التيارات المتطرفة لتحويل موجة هذه الخسائر إلى انتصارات ومكاسب. ويرى الجيار أن اللقاء كان مثمراً ووضع خريطة للتعامل بين رئيس الدولة وبين المواطنين وبين المثقفين والأدباء.لا يجد الجيار أي غضاضة في وجود عدد من الأدباء المحسوبين على وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني في اجتماع السيسي، قائلاً: {أمر الله أن يكون المثقفون الموجودون في حظيرة فاروق حسني هم الذين تقلدوا مواقع مهمة في الكتابة والإعلام والواقع الثقافي وبالتالي هم عناصر مهمة صالحة للمشاركة المجتمعية في أي وقت}، وفي ما يخص تجاهل دعوة الأدباء في مؤتمر {الإبداع مستقبل مصر}، يرى الجيار أن ذلك ليس تجاهلاً وإنما تمت دعوة عدد قليل لتكليفهم بمهام محددة، قائلاً: {إذا كان ثمة تجاهل للمثقفين ما تم عقد اجتماع للرئيس معهم}.الجوقة القديمةمن جانبه، يرى الروائي أحمد الديباوي أن الثقافة في مصر مسيسة في العصور كافة وستظل كذلك، فجابر عصفور تقلد أكبر المناصب أثناء فترة فاروق حسني وهو الآن وزير الثقافة وما زالت الجوقة القديمة مستمرة حتى الآن، ورأينا ذلك واضحاً خلال لقاء الرئيس ما عدا بعض الكتاب الشباب. ولكن باستثناء ذلك، ما زالت السياسات الخاطئة مستمرة حتى الآن حيث تم استبدال الوجوه التي تخطت الـ80 سنة بوجوه في العقد الخامس من عمرهم. وفي ما يتعلق بمؤتمر الإبداع يقول الديباوي: {الاهتمام الأكبر كان بنجوم الفن أمثال عادل إمام ومحمد منير وفردوس عبدالحميد. أما الأدباء فلا مكان لهم}.يتابع الديباوي: {كل المدعوين للقاء الرئيس من أبناء القاهرة، والمسؤول عن ذلك وزير الثقافة الذي رتَّب اللقاء. لم ينظر الوزير ولو مرة إلى أدباء الأقاليم، فمحافظات مصر مليئة بالمواهب على الأصعدة كافة، لكن هذا للأسف النهج نفسه الذي كان يسير عليه فاروق حسني الذي كان لا يعير أي اهتمام للمحافظات. حتى النشر يكون بالوساطة، إلى أن وصلنا إلى أن تكون مخازن هيئة الكتاب مليئة بآلاف الكتب المطبوعة التي لم يشترها أحد بسبب ضعف مستواها}.