لعينيك...

نشر في 09-11-2014
آخر تحديث 09-11-2014 | 00:01
 ناصر الظفيري في كل مرة أجهز فيها حقيبتي للسفر اليك يخاتلني النوم ولا يغلبني. في كل مرة أنوي فيها رؤيتك تأتين مشبعة بالحنين، تطلقين أجنحة الشوق في هذا القلب الذي يشيخ كل عام وتموت في الذاكرة صور لا حصر لها، ولكنك تكبرين كأشجار أعياد الميلاد لا يباغتك الخريف ولا ينال من هيبتك ثلج الشتاء ولا لهيب القيظ.

في كل ليلة قبل سفري إليك تمر كل أيامي سريعة حيناً، بطيئة أحيانا. آخر ملامح أمي الطيبة وعينا أبي اللامعتان وذاكرته التي حملتها عبئاً إضافيا، وجوه إخوتي وليال الأصدقاء والفتاة التي حملّتها عذاباتي، وأشركتها في حبك لأزداد حباً لك. وبقيت وحدك أحبك لأني لست أنا دونك، أحبك قاسية وأحبك محبة وأحبك كما أنت دائما أجمل البلدان وأروع بقاع الأرض. ليس لشيء محدد فيك ولكن لما لي فيك.

للذين تواروا في ثراك أحبك، وللتضاريس التي رسمتها فيك أحبك، ولأغنيات العشق ونزوات الشباب أحبك. أحب رمضاءك التي لسعت نعومة أطرافي ولظهيرتك التي صلبتني طويلاً على بابك أحبك. وحين افترقنا لا هوى لي فيك غيرك صرت أحبك أكثر وأخجل منك أكثر. أخجل من عتب عينيك كلما التقينا وأخجل من جحودي لك وأخجل من غفرانك.

كنت ومازلت حرفي الأول وأغنيتي التي لا أمل ترداد نشيدها الشجي ولوعتي فيك ومنك. ولأني أحبك لا أجرؤ على لومك كما تجرأت علي ولا أملك قسوتك كما قسيت علي ولكنني أملك غفرانك.

في كل مرة أعود اليك أفكر في أي الوجوه أراك، وفي أي الأماكن التي عمدتها منذ الخطى الأولى أرسم وجهك. في كل مرة أراني أمسح الغبار عن كتفيك وأقبل ما بين عينيك وأقول ما زلت أحبك. أتخيلك كل مرة أكثر جمالاً من سابقتها وأكثر بهاء والدموع في عينيك فرحا بي ودموعي فيك لهفة اليك.

سأخبرك هذه المرة أنني تعبت وسأعترف لك بأنني حاولت جاهدا أن أتجاهل حبك ولا أنساه، أن أضع يدي بين صورتك وعيني وسأعترف لك أنني فشلت. ويزيدني بعدي عنك توقا اليك، الى كل ما فيك، الى وجوه الأصدقاء الطيبين في المقهى الصغير على ساحل بحرك، الى أصوات البنات في المدرسة المجاورة، الى صوت المؤذن في الظهيرة، الى باعة الساحات وأطفالك النبلاء والأشقياء، الى زملاء المهنة والحرف ورفاق السلاح ومجالس المساء، أشتاق حتى أخطاء أهلك فيك وأشتاق الى غفرانك.

سأخبرك هذه المرة أيضاً أنني على عهدي، سأكتبك بروحي وأرسمك بدمي وأخاصم الدنيا فيك وأقسم كما في كل مرة أنك الأجمل والأبهى لأنك وطني ودماء قلبي، سأعود اليك ما استطعت أكفر عن غيابي وأضع رأسي على وسادة ليلك لأعود أجمل. سأسامرك طويلا وأحدثك عن المدن التى أشركتها في محبتك وكأنني أنتزع قلبي من قلبه، فأعود سريعا اليك لأنك قدري وتاريخي وحلم بسيط لا أعلم مدى قدرتي على تحقيقه هو أن أموت على يديك. لأبعث منك كما نشأت منك. فسلام عليك في كل مرة نلتقي حتى اللقاء الأخير.

back to top