سعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى ترميم الجسور مع القوى السياسية المدنية والشبابية، بعدما أصابها شرخ عميق جراء حكم براءة الرئيس الأسبق حسني مبارك، كاشفاً عن عزمه إقرار مشروع  يجرم الإساءة لثورة «25 يناير»، في حين افتتح الإمام الأكبر أحمد الطيب مؤتمر «الأزهر في مواجهة الإرهاب».

Ad

عزّز الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من توجه النظام السياسي في القاهرة لاحتواء غضب الأوساط السياسية والشبابية بعد حصول الرئيس الأسبق حسني مبارك وأركان نظامه على البراءة في قضايا قتل متظاهري ثورة «25 يناير» وفساد مالي، مطلع الأسبوع الجاري، مهاجماً مبارك للمرة الأولى، ومعلنا نيته إصدار قانون بتجريم الإساءة للثورتين «25 يناير» و«30 يونيو»، بما يعكس مساعي الدولة لاحتواء استياء المصريين من الحكم القضائي الذي أثر سلباً على شعبية السيسي وصعد من مناخ الإحباط في الشارع المصري.

السيسي، الذي افتتح عدداً من مشروعات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أمس هاجم مبارك لأول مرة، خلال اجتماعه بمجموعة من شباب الإعلاميين والصحافيين أمس الأول، قائلاً إنه «ليس منصفا من يشعر بالرضا عن نظام مبارك، هذا النظام الذي كان يجب أن يسقط منذ 15 عاما، لأنه لم يكن قادرا على مواجهة التحديات الكثيرة»، قاطعا أي علاقة تربطه بنظام مبارك بالإشارة إلى أن «البلاد في تراجع منذ 40 عاما».

وأشاد السيسي بثورة «25 يناير»، كاشفًا عن أنه بصدد سن قانون لتجريم من يهين ثورتي «25 يناير» و»30 يونيو»، متسائلاً: «إزاي ثورة 25 يناير تأخرت كل ده»، مضيفاً: «لا عودة للوراء، ولا يوجد من يستطيع خداع الشعب المصري، لأنه شعب ذكي ومن يريد فعل ذلك سيكشفه الشعب في أسرع وقت ممكن».

وصرح المتحدث الرسمي باسم مؤسسة «الرئاسة»، السفير علاء يوسف، بأن السيسي نوه خلال لقائه مع الإعلاميين بالدور الذي يضطلع به الإعلام لتشكيل الوعي وزيادة الإدراك، ما تجلى على أرض الواقع بإصدار رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، عصام الأمير، قراراً بإعادة المذيعة عايدة سعودي لعملها كمديرة ومذيعة لإذاعة «راديو هيتس»، استجابة لتوجيهات السيسي، بإعادتها للعمل بعد وقفها عقاباً على تعليقها على حكم براءة مبارك.

تصريحات السيسي عكست مساعيه لرأب الصدع مع القوى المؤسسة لتحالف «30 يونيو»، الذي أطاح بنظام «الإخوان»، واحتواء غضب شباب الثورة المصرية، الذين رفضوا براءة مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي وكبار مساعديه في قضية قتل المتظاهرين وقضايا فساد، ما أثار سلسلة من ردود الأفعال الغاضبة منذ مساء السبت الماضي أسفرت عن مقتل متظاهرين، في حين دعت عدة قوى ثورية في مقدمتها «6 أبريل» لتظاهرات غداً احتجاجاً على الحكم.

تراجع الزخم

من جهة أخرى، وبينما دعت جماعة «الإخوان» عبر تحالف دعم الشرعية إلى أسبوع جديد من التظاهرات تحت شعار «القصاص والاصطفاف»، تنطلق غداً احتجاجاً على براءة مبارك، تراجعت حدة التظاهرات المنددة بأحكام البراءة في الشارع، حيث شهدت الجامعات تظاهرات محدودة أمس كان أبرزها في جامعات «القاهرة» و«حلوان» و«الإسكندرية».

في الأثناء، قال وزير العدل المصري المستشار محفوظ صابر، في تصريحات خاصة لـ«الجريدة»، إنه إذا ما تم تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص المادة (15)، فإنها لن تطبق على مبارك، «لأن القانون لن يطبق بأثر رجعي، بل سيقتصر على الحالات المستقبلية فقط».

وذهب وزير العدل إلى عدم جواز محاكمة شخص واحد على نفس الفعل مرتين، في رد غير مباشر على مطالب قوى سياسية بإعادة محاكمة مبارك أمام محكمة خاصة، وشدد على أن حكم براءة مبارك غير بات، انتظاراً لقرار محكمة النقض، التي يحق لها رفض طعن النائب العام على الحكم، ليصبح نهائياً، أو أن تقبل الطعن وتعيد إجراءات المحاكمة، وأضاف أن الجميع في مصر يخضع لدولة القانون.

الأزهر يحشد

إلى ذلك، دعا الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب العالم الإسلامي إلى التوحد لمواجهة ظاهرة الإرهاب، والتصدي بكل حزم للتنظيمات التي تنتهج العنف، من خلال تفكيك أسباب انتشارها على المستوى الديني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مؤكدًا أن أفكار هذه التنظيمات لا تمت إلى صحيح الإسلام بصلة، وأنها تعتمد على تفسير محرف لمفهوم «الجهاد».

وقال المرجعية السنية الأولى في العالم، خلال افتتاحه لمؤتمر «الأزهر في مواجهة الإرهاب والتطرف» في القاهرة أمس إن «التنظيمات الإرهابية تحاول تصدير صورة مغشوشة للإسلام»، مشيرا إلى أن «ما يجمع كل هذه التنظيمات هو تكفير المسلمين واستحلال دمائهم»، وأشار إلى أن ما يحدث في المنطقة يصب في مصلحة إسرائيل وأمنها وضمان تفوقها.

ويعد مؤتمر الأزهر إحدى خطوات حشد مختلف الأصوات المعتدلة في طول العالم الإسلامي وعرضه لمواجهة ظاهرة الإرهاب التي تضرب دول العالم الإسلامي بقسوة، حيث شاركت وفود من دول العالم الإسلامي المختلفة، فضلاً عن رؤساء الكنائس الشرقية وممثلين عن بعض الطوائف الأخرى، ومن الجانب المصري، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، والسياسي المخضرم عمرو موسى، وينتهي المؤتمر اليوم بإعلان توصيات تحت مسمى إعلان الأزهر ضد الإرهاب.