صورة الرجل الأسطورة في شبابه
![فوزي كريم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1498033753948674500/1498033754000/1280x960.jpg)
الكتاب يبدأ مع عام 1903، حين كان لورنس طالباً طموحاً في التجوال على دراجته الهوائية، في إنكلترا وفرنساً، يتسقط المعلومات والكشوفات الأثرية، ويسلم الحصيلة إلى متحف "آشمولين" في مدينته أكسفورد. في 1909 قام بجولة أشهر ثلاثة دراسية، قطع فيها أكثر من 1000 ميل على قدميه، بحثاً عما تبقى من قصور وقلاع الصليبيين في سورية العثمانية. الكتاب يؤكد أن لورنس في هذه المرحلة المبكرة اكتشف أنه ابن غير شرعي لوالدين عاشا معاً، وأنجبا أبناءً وأسسا عائلة، دون زواج شرعي. وعند عودته من التنقيب عن الآثار قرر ألا يواصل الدراسة، وقد حصل على وظيفة باحث آثار في الشرق الأوسط، تابعة للمتحف البريطاني. منذ تلك المرحلة استسلم لورنس، الذي كان يتمتع بذكاء ملحوظ وقدْرٍ عالٍ من كتمان السر غير ملحوظ، لأكثر من عامل أبرز هويته التي نعرفها اليوم، لعل أهم هذه العوامل معرفتُه الأثرية الواسعة للمنحى العسكري في حملة الصليبيين، حتى انه انتفع من خطط "الحشاشين" في جبالهم المنيعة. ثم عاملُ تعلّقِه بالعرب "الذين اختطفوا عقله" بتعبير الشاعر ولتر دي لامير، وبصبي يُدعى "داهوم" في الكتاب، أو "سليم أحمد" كما في الكتب العربية. يكتب في إحدى رسائله لأمه: "إن من يرى النخلةَ مرةً، وخيامَ شعر الماعز لن يعود الشخص الذي كان".هذا التعلق العقلي الذي انتهى به إلى السياسة، وإلى أن يوظَّف مُخبراً في الاستخبارات العسكرية البريطانية مع الحرب الكبرى، وهذا التعلق القلبي الذي وضعه في مصاف الكُتّاب الكبار نجدهما معاً في كتابه الشهير "أعمدة الحكمة السبعة". هذا الكتاب سبق أن أحرقَ مخطوطتَه الأولى بعد رحلته الأولى من تجواله العربي، ثم أعاد كتابته بعد عودته الأخيرة. والعنوان الغامض مأخوذ عن جملة وردت في التوراة (كتاب الأمثال): "الحكمةُ بنَتْ بيتَها ونحتتْ أعمدتَها السبعة".كتاب أنتوني ساتِن ينتهي عند عام 1914، حين يدخل لورنس مرحلة الفعل السياسي، في تأليب العرب على الانتفاضة ضد السطوة العثمانية، وتهيئة الدرب لهم للاستقلال، ولكن تحت رعاية بريطانية. الدور المزدوج لخدمة أمّته، التي خانته في سايكس بيكو، وخدمة العرب الذين ارتابوا في أمره حتى اليوم.