مواطن يتأرجح بالظنون

نشر في 03-11-2014
آخر تحديث 03-11-2014 | 00:01
 فوزية شويش السالم المواطن الكويتي بات يتأرجح بظنونه وبأسئلة تتناهشه بالقلق الذي أصبح ملازما لحياته، فكل ما عاشه وحلم به وخطط له ولأولاده مستهدفا العيش في وطن آمن هادئ مستقر، أخذ في التغير والانقلاب عليه بشكل متسارع غير مفهوم ولا واضح. الكل يتساءل عن مستقبل حياته وما ستأتي به الأيام لبلد صغير كثرت فيه الأقاويل والإشاعات والنزاعات والخلافات الدائرة فيه، فالصحف تكتب، والأحاديث المتناقلة في الدواوين تتزايد والكلام المتطاير هنا وهناك بات يقلق راحة المواطن واستقراره في الكويت، خاصة مع استمرار نزول أسعار البترول عالميا، وازدياد خلافات المعارضة التي باتت تهدد أمن الكويت داخليا وخارجيا في وقت محنة واضطراب عظيم يجتاح المنطقة العربية والخليجية بتغيرات رهيبة مخطط لها لتدمير الجيوش العربية، وتقسيم بلادها إلى دويلات صغيرة تنشغل في حروب وصراعات داخلية وخارجية بعضها مع بعض، مما يمنح إسرائيل فرصتها التي حلمت وخططت لها منذ احتلالها للأرض الفلسطينية، وها هو حلمها العظيم يتحقق في العراق الذي تمزق وتفتت في صراعات حروبه الطائفية الداخلية والتي لا تعرف نهايتها، وسورية ما زالت يقاتل جيشها لوقف تقطيع أوصالها، وليبيا مشغولة في حروبها الداخلية وكذلك تونس واليمن، والحمد الله أن مصر نجت من قبضة مؤامرة تدميرها وتقسيمها، وإن كانت الدسائس والأخطار مازلت تحوطها.

في كل هذه الأوضاع الخطيرة الصعبة التي تجاورنا وتكاد تلتهمنا نيرانها العاتية، نجد هناك الكثير من هم يريدون التهام الكويت وتدميرها وتغيير نظامها وتفتيتها في حروب وصراعات قبلية وعرقية وطائفية، ولكل منهم مبرراته وحججه ودعواته بالصلاح والإصلاح الذي سيأتون به أو سيكون بالتغيير الذي يريدونه، لكن المواطن الكويتي يشك في هذه الدعوات خاصة في هذه الفترة المتأججة بالانقلابات الدموية التي لم تصلح أي بلد دخلت فيه ولم يعتدل حالها، بل تدهورت الأوضاع وضاعت البلاد وهُجر مواطنيها.

فهل ينتظر المواطن الكويتي وضعا مشابها لهذه الأحوال؟

الوضع صعب على مواطن لم يعد يعرف حقيقية الأمر. هل حال الكويت مثل ما تدعيه المعارضة وهو وضع يدفع إلى التشاؤم وإلى الشعور باليأس والخوف والقنوط من مستقبل لا أمل ولا خير فيه إلا بالتغيير السياسي؟

أو أنها مراوغة وكذب وتدجيل للوصول إلى ثروة الكويت التي يطمع فيها كل من فيها ومن حولها؟

صحيح أن هناك فسادا إداريا كبيرا وهدرا وتضييعا لثروة البلاد، وفي تخلفها عن غيرها من البلاد الخليجية المجاورة، مع كل ما يُصرف على ميزانية تعليمها الذي ساوى 6 - 8 في المئة من الناتج المحلي في عام  2005، مما يعني أنه قد ازداد كثيرا عن ذاك الوقت، وإذا قورن بين هذه الميزانية مع دولة متفوقة في تعليمها مثل سنغافورة التي ُصرف على ميزانية تعليمها 3.1 في المئة في 2005 أي في نفس السنة، وهي أكبر حجما ومساحة وعددا عن سكان الكويت، نجد أن هناك خللا وتساؤلا عظيما: لماذا لم توفر هذه الميزانية الهائلة تعليما متفوقا يبز سنغافورة في تعليمها الذي تبلغ ميزانيته نصف ميزانية التعليم في الكويت؟

هناك أمر محير جدا في فهم هذا الوضع، لماذا لم يرتق التعليم في الكويت بما يتساوى مع ما يُنفق عليه من ميزانية كبيرة تستطيع خلق أجيال من المواطنين المتعلمين بشكل جيد ومعدين ومؤهلين للعمل الخلاق الكفء؟

وذات الأمر ينطبق على ميزانية كل الوزارات التي تُهدر ميزانياتها في مصروفات ومسروقات تنعكس في نهاية الأمر برداءة معطياتها للمواطنين۔

 كل هذه المواضيع تجعل المواطن في حيرة بين الواقع وما يسمعه من الذين يستغلون هذه السقطات التي توجع المواطن وينعكس أثرها عليه، ويحاولون تأجيج غضبه ودفعه للتمرد عليها.

لكن أليس هناك من هو قادر على ضبط الأمور وحزمها وتصحيحها وإعادة الثقة والشعور بالأمن والاطمئنان بأن له ولأولاده مستقبلا كريما مستقرا في هذا الوطن، خاصة أن الكويت بلد غني وقادر على توفير أفضل الأوضاع  المعيشية وأكثرها تطورا وحداثة مستقبلية وبنائية لمواطنيها.

الكويت بحاجة فقط إلى تطبيق سياسي حازم رادع وعادل يعمل على تحفيز المواطنين بزيادة الخلق الإبداعي والإنتاجي التنافسي الذي يميز ما بين المنتج الخلاق الحقيقي ويدفعه إلى الأمام، ويجمد المتخلف في موقعه، ويخلق مواطنا مسؤولا عن نفسه وعن وطنه.

back to top