هل يحتاج السيسي إلى ظهير سياسي؟
كشف الإقبال الكبير على شراء شهادات استثمار قناة السويس، وجمع 61 مليار جنيه في ثمانية أيام، مدى الشعبية التي يتمتع بها السيسي في الشارع المصري، حيث لبى آلاف المصريين دعوته لتمويل قناة السويس بشهادات الاستثمار، وفعلوا في ثمانية أيام فقط ما توقع البعض أن يفعلوه في شهور.وإذا كان تأييد المصريين للسيسي قد ظهر في مواقف متفرقة من قبل، بدايةً من نزولهم تلبيةً لدعوته لتفويضه لدحض الإرهاب عقب ثورة 30 يونيو، وتكرر ذلك فيما بعد في الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية، فإن هذا الأمر ظهر بتأييد "مالي" إذا جاز التعبير، عندما قرروا دفع ما يملكونه لشراء شهادات الاستثمار في مشروع اعتبروه مشروعهم القومي.
كل هذا، وكل هذا التأييد يكشف عن وجود ظهير شعبي حقيقي للسيسي في الشارع المصري، يصدقه، ويقف معه ضد أعداء الدولة الذين لا يكفون عن التخريب وقتل جنودنا في سيناء، لكن السؤال هنا: هل هذا الظهير الشعبي يغني عن وجود ظهير سياسي للرئيس؟ الإجابة هي أن هذه المرحلة الحالية من إعادة بناء الدولة المصرية بنظامها الجديد تحتاج لأن تكون قوية فكرياً وكدولة لتستطيع إبعاد الدين عن السياسة والمحافظة على قدسية المعتقدات، وهذا لن يتحقق إلا بوجود ظهير سياسي للرئيس يؤمن بهذه الأفكار ويوصلها للناس، فرغم أن للرئيس ظهيراً شعبياً، فإنه يجب أن يكون هناك ظهير أو كيان سياسي له يعبر عن رغبة المصريين ورؤية النظام الجديد، أولاً للحفاظ على الظهير الشعبي وزيادة الارتباط به، وأن يكون قادراً على العمل كفريق واحد من أجل تحقيق أهداف المصريين، خاصة أننا مقبلون على انتخابات برلمانية، وإذا لم يكن هناك ظهير سياسي واعتمدنا على الظهير الشعبي، فسيصبح البرلمان المقبل مهلهلاً، وبدلاً من مساعدته في إنقاذ مصر سيكون معوقاً جديداً للمضي في مشاريع الدولة، خاصة مع الصلاحيات الكبيرة للبرلمان في مقابل صلاحيات الرئيس.أهمية الظهير السياسي برزت بعد قرارات رفع الطاقة الأخيرة رغم أهميتها، والتي استغلتها بعض القوى لمحاولة النيل من شعبية السيسي والتأثير على الداعمين له، وهنا تبرز أهمية الظهير السياسي في شرح أسباب هذه القرارات، فالقرارات الاقتصادية الأخيرة قرارات إيجابية، والمشكلة كانت في أن الحكومة لا تجد لغة تخاطب بها الناس، لتشرح لهم عوائد رفع أسعار الطاقة، ومن هنا كانت أهمية وجود ظهير سياسي يشرح لماذا تم الإعلان عن رفع أسعار الطاقة ولماذا تم توفير هذه الأموال وكيف ستعود في صورة تطوير الصحة والتعليم، ولو حدث هذا لما حدث هذا اللغط والجدل الدائر الآن، على الرغم من اعتراضي على رفع أسعار الكهرباء وكنت أرى أنه يجب أن نحافظ على أسعار الشرائح الدنيا، وأن يتم عرض كيف سيتم الاستفادة من الأموال الموفرة نتيجة رفع أسعار الطاقة.الظهير السياسي ليس رفاهية سياسية، وليس مدخلاً للفساد السياسي، المهم هو كيفية إدارة هذا الظهير، وما الذي سيقدمه للدولة، وللمشروع النهضوي الذي يتبناه السيسي ويعمل عليه، ومن ثم سيكون الظهيران الشعبي والسياسي جناحَي المشروع حتى يتمكن من القفز على كل العثرات، والدفع بالمشروعات التنموية والدولة إلى الأمام.