رغم استياء الألمان من تصميم «المركزي الأوروبي» على إبقاء معدلات الفائدة عند أدنى مستوياتها فإن قلة منهم انتهزت الفرصة لتحقيق عوائد أعلى عن طريق فتح حسابات مصرفية في أماكن أخرى في الاتحاد الأوروبي.

Ad

لماذا تكسب 2 في المئة على مبالغ التوفير عندما تستطيع ربح 0.5 في المئة بسرعة؟

على ما يبدو عليه هذا الطرح من غرابة فهو يمثل، كما يبدو، وجهة نظر العديد من الألمان، وعلى الرغم من الاستياء الوطني من تصميم البنك المركزي الأوروبي على إبقاء معدلات الفائدة عند أدنى مستوياتها، فإن قلة منهم انتهزت الفرصة من أجل تحقيق عوائد أعلى عن طريق فتح حسابات مصرفية في أماكن اخرى في الاتحاد الأوروبي، وهذا مؤشر آخر على كيفية تراجع مسار اندماج الأسواق المالية الأوروبية منذ الأزمة المالية العالمية.

وتختلف معدلات الفائدة بشدة، سواء بالنسبة الى الايداع أو القروض بين الدول التي تستخدم اليورو، وفي العديد من الحالات يدفع البنك نفسه الى المودعين معدلات مختلفة من الفائدة في دول مختلفة، فبنك دويتشه، على سبيل المثال، يقدم 0.1 في المئة للإيداع السنوي في ألمانيا، و0.75 في المئة للحساب نفسه في إيطاليا.

ومن الوجهة النظرية يتعين أن يتبخر هذا التباين مع نقل البنوك للأموال من أماكن يوجد بها فائض في التوفير الى نقاط تتسم بقلة الإمداد، أما بشكل عملي، فإن جهات التنظيم المحلية تعوق هذا الإجراء على الرغم من أن البنوك في شتى أنحاء منطقة اليورو تخضع في الوقت الراهن لإشراف البنك المركزي الأوروبي الذي يفترض أن يتمتع بنظرة أوسع.

ومن الوجهة النظرية أيضاً يتعين ألا يشعر المودع بأي ارتياب أو قلق من إيداع الأموال في أي دولة في الاتحاد الأوروبي، وبعد كل شيء فإن الحكومات الأوروبية كلها تضمن الإيداع حتى 100000 يورو (106000 دولار)، وعلى الرغم من أن هذه الضمانة تعتمد على قدرة الحكومات التي تقدمها للإيفاء بها، فإن أي دولة في الاتحاد الأوروبي لم تتخلف حتى الآن عن الوفاء بها، حتى في البلدان التي تأثرت بشدة من الأزمة المالية.

والأكثر من ذلك أن الاستثمار عبر الحدود يتسم بسهولة، كما أن شركات مثل غلوبال للتوفير التي تتخذ من برلين مقراً لها تسمح للرعايا الألمان بفتح حسابات مصرفية في أماكن أخرى في أوروبا حسب رغبتهم من دون زيارة الفرع المصرفي ناهيك عن تعلم اللغة البرتغالية.

ولا توجد بيروقراطية تتجاوز حدود التعريف عن الهوية في أحد مكاتب البريد، ويمكن إدارة الحسابات اون لاين، وهي تعرض أيضاً حسابات باليورو في دول الاتحاد الأوروبي خارج منطقة اليورو، بغية تفادي خطر التحركات الكبيرة في العملة، حيث تختلف العوائد بصورة كبيرة، ففي ايطاليا، على سبيل المثال، يقدم الحساب الأفضل للشركة لمدة سنة 1.6 في المئة وفي البرتغال يرتفع الرقم الى 2 في المئة.

ويتعين أن يروق ذلك للألمان الذين أودعوا حوالي تريليوني يورو، حوالي 55 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، على شكل ايداعات عادية مصرفية وأخرى لأجل محدد (ويبتعد معظمهم عن الاستثمار في المنازل والأسهم)، وعلى الرغم من ذلك، فإن "غلوبال" للتوفير وهي الشركة الأكبر في هذا المجال ليس لديها سوى 17000 عميل، وهم أكثر ميلاً للإيداع في ايطاليا عند معدلات متدنية بصورة نسبية، وليس في دولة مثل بولندا، حيث تتمتع الحكومة والبنوك بدرجة تصنيف ائتماني أعلى.

 وفي بلد مثل ألمانيا يفترض أنها تتسم بعقلانية، فإن العواطف كما يبدو تلعب دوراً أكبر في اتخاذ القرار وبقدر يفوق المنطق الى حد كبير.