دخول السياسة في الفن والإعلام... يفسد للود قضية
إلى أي مدى يمكن أن تسبب وسائل الإعلام والأعمال الفنية أزمات بين الدول العربية؟ ما دور الفن في توحيد الشعوب، وفي إزالة الخلافات بينها؟ هذه الأسئلة وغيرها تفرض نفسها في ظل الأزمات التي شهدتها الساحتان الفنية والإعلامية أخيراً، بسبب تصريحات لفنانين وممارسات إعلامية خرجت عن الحيادية وتحيزت لمصلحة جهات معينة...
يرى يوسف شعبان أن من الممكن تفسير كلام بعض الإعلاميين أو الفنانين بشكل خاطئ، ما يحدث أزمة بين الأشقاء، رغم أن دور الفنان توحيد الشعوب، مؤكداً أنه لن يسمح هو أو زملاؤه الفنانون بإفساد علاقتهم بأي دولة أو فرد بسبب أشخاص يجيدون الصيد في الماء العكر.يطالب شعبان المشاهدين بعدم التربص بتصريحات المشاهير، لأن الفنان أكثر حرصاً على علاقته بجمهوره من أي شخص آخر، متسائلاً: هل من الممكن أن يقصد إعلامي أو فنان جرح مشاعر مشاهديه؟ فالجمهور، بالنسبة إلى الفنان، هو كنز يرافقه طوال عمره، ولا يمكن لعاقل أن يخسر هذا الكنز مهما كان السبب أو المقابل.
تحريف الكلاميوضح أشرف عبدالغفور، نقيب الممثلين، أن دور الفن أكبر من الدخول في هذه المهاترات، مطالباً الجمهور بعدم الغضب لدى مناقشة أي قضية سياسية، «الأهم حلّ أزماتنا ومشاكلنا بعيداً عن محاولات الانتقام التي تملأ الأجواء، فلو أسأنا فهم هذه المناقشات الجادة، سننغمس في أزماتنا من دون حلول جذرية، ما دمنا أصبحنا نخشى التفسيرات والتأويلات الخاطئة لكلامنا».يضيف: «من السهل تحريف أي كلام لجرنا إلى حروب جانبية، الغرض منها إفساد علاقات الدول العربية أو أبناء الدولة الواحدة»، مشيراً إلى أنه، في حال تسبب أحد الفنانين في إغضاب جمهوره بسبب كلامه عن دولة معينة، فيكون غير مقصود، في أغلب الأحيان، ولا يعبر عن رأيه الحقيقي».يتابع: «بين الدول العربية مودة ومحبة، ومن الممكن أن توجد لدينا استثناءات في هذا الشأن، وهي بعض القنوات والكيانات الإعلامية التي تتعمد التجريح ببعض الأنظمة الحاكمة وبعض الدول العربية، لغرض ما في نفس يعقوب. وهذه القنوات معروفة للجميع بالاسم».يؤكد أنه من الصعب أن يهين فنان كبير أو إعلامي مرموق دولة شقيقة، لكن ثمة فنانين ضحايا لتحريف تصريحاتهم من المغرضين. أجندات معروفةيفرّق الخبير الإعلامي الدكتور سامي الشريف بين فنان أو إعلامي معروف عنه السمعة الطيبة وعدم تجريحه أو إهانته أي دولة، وبين كيانات إعلامية تدأب في إهانة الدول والحشد والتعبئة ضد مصالحها، يقول: «الحالة الأولى تأتي تحت بند «زلة لسان»، خصوصاً عندما تصدر من شخص لم يتورط، طوال حياته، في مثل هذه المهاترات. أما الحالة الثانية، فهي نتيجة تحيز مؤسسات إعلامية بشكل واضح وصريح لصالح أحد الأطراف غير عابئة بمغبة هذا التحيز».يطالب الشريف وسائل الإعلام بعدم السير خلف هذه القنوات ذات الأجندات المعروفة، لأنها تسبب أزمات كثيرة، مؤكداً الدور المنوط بالإعلامي وهو عرض وجهتي النظر حتى لا ينحاز إلى طرف على حساب آخر.يضيف: «تعتبر هذه الممارسات الشاذة حالة نادرة في محيطنا العربي ولا يقاس عليها أبداً، ففي مصر وغيرها من الدول العربية كيانات إعلامية محترمة تعي رسالتها، لافتاً إلى أن من يحيد عن دوره يجلب لنفسه العزلة ويلفظه الجميع وينقلب عليه بسبب ممارساته الرديئة».بدوره يؤكد الخبير الإعلامي الدكتور صفوت العالم أنه إذا حدثت أزمة سياسية بسبب تصريحات فنان أو توجه قناة ما، فيعتبر ذلك سقطة لا تغتفر، ذلك أن دور الإعلام أو من يظهرون على شاشات التلفاز مناقشة الأوضاع بحيادية.يضيف: {لم أر سابقاً مثل هذه الممارسات الشاذة، وأطالب زملائي الإعلاميين التروي والتفكير في الكلام قبل إطلاقه كي لا يتسبب عملهم في أزمات وبلبلة لا داعي لهما}.يطالب العالم الجمهور العربي بتحكيم عقله قبل إصدار أحكامه النهائية ضد أي فنان أو إعلامي تسبب كلامه في إغضاب البعض، لا سيما إن جاءت هذه الإساءة من شخصيات معروف عنها النزاهة والحيادية، وعدم إهانتها للأشقاء، {حتى لا يسبب التفسير الخاطئ لكلامها قطيعة نحن في غنى عنها}، أما إذا صدرت هذه التصرفات من كيانات ومؤسسات وأشخاص معروف عنها عدم حيادها وممارساتها الخاطئة الرديئة فعلى الجميع مقاطعتها لتجنب المشاكل التي تسببها.غير مقبول أن يحدث شقاق أو أزمة بين دولتين عربيتين بسبب تصريحات أحد الفنانين، برأي الناقد كمال القاضي، فالعرب أشقاء والعلاقة بين الأشقاء هي التي تبقى، وأي جماعات دينية أو أحزاب سياسية ستذهب آجلاً أو عاجلاً.يضيف أن بعض الأشخاص معروف تاريخهم غير الملوث بإهانة أحد، وإذا صدر منهم كلام مسيء فيكون نتيجة عدم تقدير الموقف أو زلة لسان، بدليل أنهم يسارعون إلى الاعتذار، وتوضيح الصورة كاملة وتبرئة أنفسهم. في المقابل، تتعمد مؤسسات إعلامية التجريح والإهانة وتتمسك برأيها ولا تعتذر عن الإساءات التي تقترفها.