المصالحة العراقية تتجاوز «عثرة العلواني» بتحرك لضبط «الحشد»

نشر في 02-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 02-12-2014 | 00:01
مارست الطبقة السياسية السنية "ضبطا للنفس" بشكل غير مسبوق طوال الشهور الماضية، اذ لم يسبق أن أرغموا أنفسهم على "كظم الغيظ" كما فعلوا مع بدء انطلاق حكومة حيدر العبادي، والسبب في ذلك شعور عام في البلاد بامكانية حصول تغييرات واصلاحات تخفف الكارثة التي حلت بالبلاد منذ انهيار الجيش في يونيو الماضي، أمام عنف "داعش".

وماذا كان في وسعهم أن يفعلوا بينما تحتل "داعش" معاقلهم، وتحيط بهم ميليشيات وجيوش على غير وئام، وتعجز القوى الإقليمية والدولية عن تحريك ساكن إزاء ذلك؟ لكن موسم "ضبط النفس" يوشك أن ينتهي، بعد أن اخذ رئيس الحكومة حيدر العبادي فرصة جيدة وحظا من الدعم والإسناد لم يتاحا لغيره، وبدا واضحا أنه ليس المؤثر الوحيد في المشهد، وأن عجلة الاصلاحات لاتزال بطيئة، رغم كل الخطوات المهمة التي اتخذها التحالف الشيعي، التي لم تكن ممكنة حتى في عهد نوري المالكي. أبرز تحول في موقف السنة كان بياناً مطولاً لأكبر الكتل السنية "اتحاد القوى" الذي تحدث عن "تهديد انهيار المصالحة" بعد صدور حكم إعدام النائب السابق أحمد العلواني، وتصاعد الشكوى من تعامل قاسٍ يتعرض له الأهالي على يد بعض مجموعات "الحشد الشعبي" الشيعية.

وقد وصلت الرسالة كما يبدو من أحداث شهدتها صبيحة الجمعة، ففي مواقف منسقة بوضوح، حصلت الاستجابة السريعة من مرجعية السيد علي السيستاني، وفي وقت كان ممثله في كربلاء يتحدث عن خروقات تحصل بين مقاتلي الحشد الشعبي، ويطلب بضبطها مكررا الحديث عن حرمة الأرواح والممتلكات السنية، كانت وزارة الداخلية التي يرأسها شيعي، تنظم مؤتمرا صحافيا مع رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان وهو شيعي أيضا، ونادرا ما تنظم الحكومة مؤتمرات صحافية نهار الجمعة، بخاصة أنه كرس للاعتراف بوجود خروقات في العاصمة تتم تحت غطاء المتطوعين الشيعة، وقرر تبعا لذلك تسجيل نحو ألفي مركبة تتجول في بغداد بلا أرقام، ويقال إنها تستخدم لأعمال الخطف التي تصاعدت مؤخرا، ورأى وزير الداخلية ان تسجيلها سيحد من الاتهامات، الى جانب إجراءات أخرى ظلت تعلن تباعا، لأول مرة منذ انخراط نحو 60 ألف متطوع في هذه القوات التي دعا المرجع السيستاني الى تشكيلها بعد انهيار الجيش.

وعلى الصعيد نفسه، يبدو أثيل النجيفي محافظ نينوى وشقيق أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية، غير مقتنع بالسير البطيء للأمور، فقد توجه الى واشنطن لتبين مآل المفاوضات الجارية بين "البنتاغون" والعشائر السنية، التي لم تنتج تسليحا لمقاتليهم، بينما يكافح أثيل لبناء معسكر تحرير نينوى بالتنسيق مع البيشمركة الكردية، وبحوار واعد مع رئيس الحكومة حيدر العبادي، وزيارة رمزية قام بها ضباط حلف شمال الأطلسي ورئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو للمعسكر المقام على أطراف نينوى من جهة أربيل.

والنجيفي الذي يعد من أبرز ممثلي الساسة السنة الحاذقين والبراغماتيين، لا يتحدث عن حوار مع واشنطن فحسب، بل يؤمن كذلك بضرورة أن يتحاور السنة مع الإيرانيين أنفسهم، وهو من الساسة الذين يبشرون بقناعة مفادها أن "داعش" أضعفت موقف السنة، لكنها من جانب آخر كشفت أهمية الاعتدال الذي تمثله الطبقة السياسية السنية الممثلة في البرلمان اليوم، وأن التصالح معها عبر قرارات كبيرة، هو المرتكز الأساس لكبح جماح التطرف في عموم المنطقة.

back to top