«هالوين» كويتي... وثقة خليجية!

نشر في 20-11-2014
آخر تحديث 20-11-2014 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة حسناً فعل رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك الصباح، بخروجه في هذا التوقيت بلقاء صحافي ليطمئن الكويتيين بشأن الأوضاع المالية، في ظل حفلة الرعب أو "الهالوين" التي تدور فصولها في الكويت بشأن الحالة الاقتصادية للدولة، في ظل انخفاض أسعار النفط، الذي مرت نفس ظروفه على البلد، في عدة مناسبات سابقة منذ عام 1982، وكذلك بعد 15 عاماً من الفوائض المتتالية التي جعلت مخزونات الدولة في صناديقها السيادية والاحتياطي العام تتجاوز الــ500 مليار دولار.

جميع الدول الخليجية رغم انخفاض أسعار النفط تؤكد ملاءتها المالية وقدرتها على مواجهة تلك الظروف، وقدرتها على المضي في مشاريع التنمية الكبرى، وكان آخرها تصريح وزير المالية السعودي د. إبراهيم العساف، على هامش قمة العشرين في أستراليا، عندما أكد في مؤتمر صحافي، أن ملاءة المملكة العربية السعودية المالية ممتازة، وقادرة على استكمال مشاريعها التنموية الكبرى والتزاماتها تجاه مواطنيها، في وقت تشهد المملكة حملة ترويجية لانطلاق مشروع مترو الرياض، الذي سيكلف بناؤه عدة مليارات من الدولارات، ولم تتراجع المملكة عن بدء أعماله رغم انخفاض أسعار النفط.

وفي المقابل، تشهد الكويت حالة هلع تضرب البورصة والمستثمرين والمواطنين، ويطالب أحد وزرائها المواطنين بالتضحية بنصف رواتبهم، وآخر يقول إن السكين وصلت إلى العظم، ومكتب مجلس الأمة سيعقد جلسة خاصة لبحث تداعيات انخفاض أسعار النفط، وبالطبع فإن مثل تلك التصريحات تؤدي إلى زعزعة الاقتصاد الوطني، وتجعل المستثمر والمواطن العادي يندفعان إلى الخروج بأموالهما ومدخراتهما من البلد والبحث عن ملاذ آمن ضمن اقتصاد متين، بينما تواجه دول الخليج الأخرى الأمر بأريحية وحكمة رغم أن بعضها لديه التزامات تفوق ما لدى الكويت بأضعاف مضاعفة.

وفي هذه الأثناء تأتي كلمة الشيخ جابر المبارك في لقائه مع الزميلة "الراي" بأن سعر النفط مازال ضمن نطاق الفوائض، ولم يصل إلى سعر تعادل الميزانية بعد، لتضع حداً لحفلة الرعب الدائرة في الكويت منذ أسابيع من جراء انخفاض أسعار النفط، ومن ينفخون فيها ويضخمونها لأسباب غير معلومة، رغم أننا مررنا بظروف مشابهة في عدة حقب تاريخية سابقة، أهمها في فترة الغزو العراقي الذي توقف فيها إنتاج الدولة لعدة شهور، وأعقبتها فترة من انخفاض أسعار النفط، ورغم ذلك سددت الدولة قرض الجامبو والقروض الأخرى التي اقترضتها من جهات محلية وعالمية. وفي ظل تداعيات أسواق الخامات النفطية، يقول الباحث في قطاع الاستثمار النفطي فرانسيسكو كينتانا، في تقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط، في الثاني من الشهر الجاري إن انخفاض أسعار النفط ستكون له آثار سلبية ضخمة على "النفط الصخري"، وهي حالة "قد تكون الأنفع في تقليص الإنتاج العالمي ودفع الأسعار إلى ما كانت عليه على المدى الطويل".

بالطبع، إن ذلك لا يعني مطلقاً أن تتوقف عملية الإصلاح الاقتصادي وترشيد الإنفاق ضمن خطة عادلة ومتوازنة، لكن ليس في جو من ترويع الناس وتخويفهم وهز الثقة بالاقتصاد الوطني، ولذلك فإن كلام الشيخ جابر المبارك عن إصلاح اقتصادي متوازن لا يمس أصحاب الدخول المحدودة هو عين الصواب، وإن كان قد ناقضه في موقع آخر من حديثه عندما أكد نية الحكومة رفع الدعم عن السلع دون أن يحدد كيفية ذلك وآليته، المهم أن عملية الإصلاح الاقتصادي يجب أن تتم في أجواء تسودها الثقة بالاقتصاد الوطني بعيداً عن ما يمارسه بعض وزرائه من ترويع للكويتيين في ما يخص  رزقهم ومستقبلهم الاقتصادي.

back to top