«لولا هذا الجدار ما عرفنا قيمة الضوء الطليق»، كلمات تزين جدران البنايات في مدخل شارع «محمد محمود» المتفرع من ميدان التحرير وسط القاهرة، فقد تحوَّلت هذه الجدران إلى أرشيف ثوري بريشة رسامي «الغرافيتي» لتأريخ أحداث ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتخليد شهدائها.

Ad

عبارات أخرى مازالت حاضرة في الوجدان رغم اختفائها من الجدران، أبرزها «الورد اللي فتح في جناين مصر» مزينة بصور شهداء الثورة، ما بين ضحكة مينا دانيال، وابتسامة الشيخ عماد عفت، بينما لم يتبق من هذه الروح الثورية سوى رسوم أخرى محدودة تقف على أبواب الذكرى الرابعة للثورة التي تحل بعد عشرة أيام، إحداها لرجل يأكل الخبز تحت شعار الثورة: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وأخرى لخصت الأحداث في عبارة مقتضبة: «المجد للمجهولين».

مصطفى، أحد الشباب المتخصص في رسم «الغرافيتي»، عبر عن استيائه من تعمد الحكومات المتتالية بعد الثورة، إزالة الرسوم التي أرخت لأحداثها، وقال لـ»الجريدة»: «كنت أتمنى أن تبقى هذه الرسوم حاضرة على الجدران لتوثيق الأحداث للأجيال القادمة، فالجدران الموجودة في الميدان حق لكل شهيد ضحى بدمائه تخليداً له».

«لم يعد باقياً سوى ذكريات الفقد»، قالها رسام غرافيتي يدعى وائل قاطعاً حديث زميله مصطفى، وتابع قائلاً: «حزين على محو ذكريات الثورة برسومها والكلمات التي عبرت عن صرخات الثوار وهتافهم ضد الظلم والفساد»، مضيفاً: «يبدو أن مجرد وجود بعض الرسوم على الجدران يقلق المسؤولين، من تجدد روح المعارضة وإبداء الرأي بحرية». بينما اعتبر عضو «رابطة فناني الثورة»، نور المصري، أن مسح رسوم الغرافيتي جريمة في حق الثورة، وأصبحت جريمة بحكم القانون، بعد إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي قانون «تجريم إهانة الثورة»، لأن هذه الرسوم توثق لأحداث الثورة بجميع مراحلها، وطالب بإعادة تزيين جدران الميدان برسوم جديدة بالتزامن مع الذكرى الرابعة لثورة يناير.