ساد غموض أمس، بشأن توصل الفرقاء اليمنيين إلى اتفاق مبدئي يبقي على البرلمان الشرعي ويلغي "الإعلان الدستوري"، وبينما نفى الانقلابيون الحوثيون التوصل إلى اتفاق، خيم شبح الحرب الأهلية على جلسات المفاوضات التي تعقد برعاية أممية بعد انسحاب الحزب الناصري منها بشكل نهائي.

Ad

في وقت خيم فيه شبح الحرب الأهلية على الساحة اليمنية، تضاربت الأنباء أمس، بشأن توصل القوى السياسية المجتمعة مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر إلى صيغة أولية للخروج من الأزمة تتضمن الإبقاء على البرلمان الشرعي وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة شؤون البلاد

لايتضمن وجود الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي.

وأفادت مصادر مطلعة، بأن الأطراف التي اجتمعت مع بنعمر اتفقت مساء أمس الأول، مبدئياً على بقاء البرلمان وتوسيع مجلس الشورى ليشمل 300 عضو.

وأضافت المصادر، أن القوى السياسية وضعت اتفاقاً مبدئياً من أجل تشكيل مجلس رئاسي مكون من 5 أو 7 أشخاص يمثل جميع الأطراف، ومنها الحوثيون الذين يشاركون في المحادثات.

وأوردت تقارير أن الاتفاق الجديد سيلغي "الإعلان الدستوري" الذي تم فرضه من قبل جماعة الحوثيين، ورجّحت أن يتم الإعلان عن الاتفاق النهائي خلال أيام.

وقال الأمين العام للتجمع الوحدوي أحمد كلز، إن مجلس النواب ومجلس الشورى الموسع سيشكلان الحكومة المقبلة.

وذكر مصدر حزبي، طلب عدم الكشف عن اسمه، "أن التوافق المبدئي الذي تم بحضور القوى السياسية كافة، باستثناء الحزب الناصري الذي لم يحضر، يتضمن قبول استقالة هادي من قبل البرلمان ويؤدي مجلس الرئاسة الجديد اليمين أمام البرلمان".

وبعيد بدء المحادثات، أعلن الحزب الناصري انسحابه نهائياً من الحوار مؤكداً أن الحوثيين يرفضون سحب "الإعلان الدستوري" الذي فرضوه الجمعة الماضية ونصّ على حل البرلمان وتشكيل لجنة أمنية لإدارة البلاد بانتظار تشكيل مجلس رئاسي.

نفي حوثي

في المقابل، نفت جماعة الحوثي عبر موقعها الرسمي على "فيسبوك" أنباء التوصل إلى اتفاق وقالت، إنه لا صحة مطلقاً للأنباء التي تتحدث عن التوصل إلى اتفاق للإبقاء على البرلمان المنحل كما هو، وتوسيع مجلس الشورى، وأن الحوار مستمر تحت سقف "الإعلان الدستوري".

في سياق آخر، أشاد رئيس المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" الحوثية صالح الصماد أمس، بالحكومة المستقيلة برئاسة خالد بحاح، مشيراً إلى أنها تحملت على كاهلها مسؤولية كبيرة لإخراج البلاد من أزمتها.

سقوط البيضاء

في السياق، واصلت الميليشيات الحوثية تمددها على الأرض، ودخلت أمس، مركز محافظة البيضاء وسط البلاد دون مقاومة تذكر من قبل القبائل وبمساندة الجيش.

وقال مصدر إعلامي من البيضاء، التي تنتشر بها عناصر تنظيم "القاعدة"، إن اللجان الشعبية التابعة لجماعة الحوثيين، إضافة إلى قوات الأمن الخاصة قامت بحملة عسكرية كبيرة من مدينة رداع، ثم مديرية الطفة إلى مديرية ذي ناعم وصولاً إلى محافظة البيضاء.

إلى ذلك، قتل أربعة أشخاص يشتبه في أنهم من عناصر تنظيم "القاعدة" في غارة جوية نفذتها طائرة أميركية من دون طيار أمس، في حضرموت بجنوب شرق البلاد.

«الأوروبي» يتمسك

دولياً، طالب الاتحاد الأوروبي باعتماد المبادرة الخليجية مرجعاً للحوار في اليمن، مطالباً الحوثيين بالإفراج عن الشرعية الممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي.

وأعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد فيديريكا موغيريني مساء أمس الأول، عن قلقها إزاء الوضع المتدهور في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على السلطة في البلاد.

شبح الحرب الأهلية

في غضون ذلك، سعت الحركة الحوثية إلى اجتذاب منافسيها للمشاركة في مجلس رئاسي جديد لإدارة شؤون البلاد خلال جولة المحادثات التي عقدت أمس، بحضور بنعمر، فيما سلط انسحاب الحزب الناصري وحزب "الإصلاح" الضوء على المخاوف بشأن سقوط اليمن في أتون الحرب الأهلية إذا ما فشلت المفاوضات في التوصل إلى حل.

وبالنسبة لكل الأطراف، فإن الأيام المقبلة حاسمة. ورغم سيطرتهم على صنعاء فإن الحوثيين لايزالون مترددين في تولي زمام السلطة بشكل رسمي بينما سيتعين على منافسيهم الاختيار بين التعاون معهم أو مواجهتهم.

وقد يؤدي الفشل في المفاوضات إلى ارتفاع وتيرة العنف وإلى كارثة إنسانية وتحول اليمن إلى دولة فاشلة.

ونُسب إلى مبعوث بريطانيا الخاص إلى البلاد ألان دنكان تحذيره الأسبوع الماضي من "حدوث خلل نتيجة عدم وجود حكومة وصراع بالوكالة بين المصالح الإيرانية والسعودية وزيادة هجمات تنظيم القاعدة والصراع القبلي الذي قد يتحول على نطاق أوسع إلى حرب أهلية".

فصائل متنافسة

والإعلان عن مجلس رئاسي جديد تم رفضه على الفور الأسبوع الماضي من محافظي المناطق الجنوبية والشرقية وهي المناطق التي شكلت يوما دولة اليمن الجنوبية المستقلة وحيث يوجد أغلب انتاج البلاد من النفط.

وتتمتع الجماعات الانفصالية بقوة في المناطق الجنوبية حيث سئم الناس من الاقتتال القبلي في الشمال ومما يرون أنه تدفق مستمر للموارد على صنعاء. ويقول محللون، إن أي استيلاء من الحوثيين على السلطة قد يحرك هذه الجماعات.

وفي حين بدا الرئيس المستقيل الذي وضعه الحوثيون قيد الاعتقال المنزلي خارج المشهد، فإن سلفه علي عبد الله صاالح المتهم بالتعاون مع الحوثيين، سيتعين عليه أن يقرر إن كان سينتفع من الارتباط بالانقلابيين، من عدمه.

كما أن الخيارات الصعبة تواجه حزب "الإصلاح" الذي يحمل مصالح القبائل والإسلاميين السنة ويعد أحد أكبر الأحزاب في وقت يواجه خطر أن يتم تحييده سياسياً إذا انضم إلى حكومة الحوثيين الشيعة. لكن الخيار البديل قد يكون أسوأ وهو أن يعزل من السلطة نهائياً أو ينتهي به الأمر في خضم حرب أهلية.

(صنعاء، عدن  ــ أ ف ب، د ب أ، رويترز)