البرازيل المنقسمة بحدة بين يمين ويسار تنتخب رئيسا جديدا لها
تنتخب البرازيل المنقسمة الاحد رئيسا جديدا لها في اقتراع تتنافس فيه الرئيسة اليسارية المنتهية ولايتها ديلما روسيف ومرشح يمين الوسط آيسيو نيفيس بعد حملة كانت الاكثر سخونة في تاريخها الحديث.
وتعد هذه الانتخابات استفتاء على 12 سنة من حكم حزب العمال اليساري الذي شهدت هذه الدولة الناشئة العملاقة في اميركا اللاتينية في عهده تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة.واشار استطلاع نشره السبت معهد "داتا فولها" الى ان روسيف ستحصد 52 بالمئة من الاصوات مقابل 48 بالمئة لنيفيس، مع هامش خطأ من +/- 2 بالمئة.من جهته اشار معهد "ايبوب" الى تقدم الرئيسة المنتهية ولايتها بست نقاط مع 53 بالمئة من نوايا التصويت مقابل 47 بالمئة لمنافسها، مع هامش الخطأ نفسه.وينقسم البرازيليون بين انصار مواصلة حكم اليسار القائم منذ 12 عاما وبالتالي مسيرة المكاسب الاجتماعية التي انتشلت نحو 40 مليون شخص من الفقر، وبين الذين ينشدون حلولا بديلة لاخراج البلاد من تعثرها الاقتصادي.واقترعت الرئيسة روسيف في بورتو اليغري (اقصى الجنوب) وبدت مبتسمة امام المصورين وهي تحتسي مشروب المتي المشهور في هذه المنطقة من البرازيل. وستتوجه بعدها الى العاصمة برازيليا الواقعة على بعد اكثر من الفي كلم شمالا حيث ستنتظر النتائج.وقالت في تصريح صحافي قبل اقتراعها "انا واثقة بان البرازيل ستبقى واحدة من اكبر الامم الديموقراطية على الارض".بدوره اقترع مرشح "التغيير" نيفيس (54 عاما) في مدرسة في بيلو اوريزونتي عاصمة ولاية ميناس غيرايس في جنوب شرق البلاد حيث انتخب مرتين حاكما.واستقبله مناصروه وهم يهتفون له معربين عن ثقتهم بفوزه، في حين وقفت الى جانبه زوجته العارضة السابقة وهي ترسم شارة النصر امام الصحافيين.وكتب نيفيس مرشح الحزب الاجتماعي الديموقراطي البرازيلي على حسابه على تويتر "اليوم علينا ان نختار بين مشروعين. ومشروعنا سيدفع البرازيل نحو مزيد من التقدم، والتغيير بدأ بالفعل".وكانت روسيف التي انتخبت في 2010 في اوج العصر الذهبي لراعيها الرئيس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010)، ورثت نموا اقتصاديا تبلغ نسبته 7,5 بالمئة.ووسعت اول سيدة تتولى منصب الرئاسة في اكبر بلد في اميركا اللاتينية البرامج الاجتماعية التي يستفيد منها ربع سكان البرازيل البالغ عددهم 202 مليون نسمة مما سمح لها بالحصول على تأييد الطبقات الشعبية والمناطق الفقيرة في شمال شرق البلاد. وفي عهد حزب العمال، اخرج اربعون مليون برازيلي من الفقر لينضموا الى الطبقة الوسطى التي باتت تشكل اغلبية وتم القضاء على آفة الجوع.لكن ديلما روسيف واجهت عقبات كثيرة من تباطؤ الاقتصاد الى مطالب للطبقة الوسطى التي توقف نموها الاجتماعي وفضائح فساد اضرت بسمعة حزب العمال.وتبدو حصيلة ادائها الاقتصادي ضئيلة على الرغم من نسبة بطالة منخفضة نسبيا (5 بالمئة)، اذ شهدت اربع سنوات من نمو متباطئ حتى دخول سابع اقتصاد في العالم في حالة انكماش، وتضخما (6,75 بالمئة) وتراجع المالية العامة وتدخلا للدولة واجه انتقادات حادة.اما نيفيس فيلقى دعم اوساط رجال الاعمال واليمين التقليدي وجزء من الطبقة الوسطى. وهو يعد باعادة تنظيم البيت البرازيلي.واستفاد نيفيس من استياء البرازيليين ليجعل من مكافحة الفساد احد محاور حملته الانتخابية وان كان حزبه الذي قاد البرازيل من 1995 الى 2002 تضرر بعدد من القضايا في هذا المجال.وقال مساء الجمعة في آخر مناظرة في الحملة الانتخابية بثها تلفزيون غلوبو وتابعها عشرات الملايين من المشاهدين "هناك طريقة للقضاء على الفساد وهي ابعاد حزب العمال عن السلطة".ومن ساو باولو الى ريو دي جانيرو وغيرها، سيحسم النصر النهائي من قبل الطبقات الوسطى المنقسمة في الولايات الاكثر اكتظاظا بالسكان في الجنوب الشرقي الصناعي حيث صوت عدد كبير من الذين خاب املهم في اليسار لمارينا سيلفا الشخصية الاستثنائية المدافعة عن البيئة.وكانت المدن الكبرى ريو دي جانيرو وساو باولو وبيلو اوريزونتي شهدت حركة احتجاج اجتماعية تاريخية في يونيو 2013 ضد التقصير في الخدمات العامة والمليارات التي انفقت على مباريات كأس العالم لكرة القدم في 2014 والفساد السياسي.وكانت استطلاعات الرأي تشير الى تقدم نيفيس في هذه المناطق من الدورة الاولى. لكن ديلما روسيف استعادت الكثير من شعبيتها في المناطق نفسها في حملتها الهجومية ضد خصمها.وقد اتهمته الرئيسة وحزبها "بالمحسوبية" واشارا الى عنفه مع النساء وحتى رفضه الخضوع لفحص للكحول في 2010 عندما ضبط وهو يقود سيارته "ثملا او بعد تعاطيه مخدرات". ورد نيفيس باتهامات مضادة.وادى تبادل الاهانات والشتائم بين الجانبين على شبكات التواصل الاجتماعي الى تفاقم الانقسام بين اليمين واليسار.والتصويت الزامي في البرازيل.