«لغة الأفلام القديمة»... لماذا لا تلقى رواجاً بين «الأجيال الجديدة»؟

نشر في 16-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 16-01-2015 | 00:01
«لغة الأفلام القديمة تثير الضحك»... عبارة شبابية تعبر عن شيوع روح عامة بين شرائح واسعة من الجيل الراهن، تصطدم بكلاسيكيات السينما حيث تغلب المبالغات في التفخيم اللغوي، عبر تراكيب ومصطلحات لا تلقى رواجاً في جلسة نرى فيها المشاهدين منهمكين في التدوين عبر أجهزتهم اللوحية ونشاطهم التقني الحديث.
يقول بعض الخبراء والنقاد إن لغة السينما انعكاس واضح للعصر الذي تعبر عنه، لذا يجد الجيل الجديد أن لغة السينما القديمة مثيرة للضحك، فيما يعزو البعض الآخر هذا الأمر إلى تطور صناعة السينما منذ ظهورها كصامتة. وثمة من يشدد على ضرورة احترام نصوص الأفلام الكلاسيكية كجزء من تاريخنا الذي لا يمكن التنصل منه، حتى لو لم يشبه معطيات الواقع الحالي في بلاغته وتصويره للأشياء والأمور.

من جانبها، ترى الناقدة خيرية البشلاوي أن التطور الذي طاول حركة السينما لم يقتصر على لغتها، وإنما امتد إلى مضمونها، فتغيّر التراكيب اللغوية والمصطلحات المعتمدة في السيناريو والحوار يواكبه استحداث مزيد من القضايا والمشكلات والخطوط الدرامية التي تمثل انعكاساً للعصر، ذلك بالإضافة إلى الوسائط التي تعرض من خلالها أيضاً، في إشارة إلى النوافذ الرقمية الجديدة من سينمات ثلاثية الأبعاد وأقراص مدمجة ومحطات فضائية.

وأشارت البشلاوي إلى أن السينما انعكاس للعصر الذي تعبر عنه وتظهر فيه، وأنها كصناعة تخضع باستمرار لحركة تطور وتغيير، وذلك منذ ظهورها في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي وحتى الآن، فقد ظلَّت الأفلام صامتة لفترة طويلة، لتساعد بعدها أحداث الحرب العالمية الأولى في تطور الأفلام في أميركا وازدهارها، وتوسعت لاحقاً في أنحاء العالم في مسيرة تخللتها قفزات عدة على مستوى الصورة والصوت والانفعالات والألفاظ أيضاً.

أما الناقد السينمائي عصام زكريا فيرى أن التطور التقني الرهيب الحادث الآن يشكّل مسافة من العزلة بين {كلاسيكيات السينما} وبين المتلقي الحالي أو المشاهد الجديد ضمن شرائح الأجيال الحديثة، والتي تتعاطى بنوع من {السخرية} مع خط الأحداث الدرامية الذي يمتاز ببطء شديد وغياب لأي وسائل للترابط المجتمعي أو التواصل والمصطلحات المعاصرة .

ويقول زكريا إن تقييم المشاهدين، خصوصاً جيل الشباب منهم، للأعمال لا يقتصر على {السيناريو}، لأن كلاسيكيات السينما تتمتع بكثير من عناصر القوة التي نفتقدها اليوم، مضيفاً: {أعتقد أن المشاهد الواعي لن يعتمد على شكل وطريقة نطق الألفاظ فحسب، بقدر ما يتحتم عليه التركيز مع قيمتها وأهدافها والأبعاد الرامية إليها الأعمال السينمائية القديمة التي لا تتغيَّر باختلاف الوسيط أو التكنولوجيا التي تعرض من خلالها}.

واختتم حديثه بأنه لا تعتبر سخرية الأجيال الجديدة من لهجة تلك الأفلام {إهانة}، ولكنه أحياناً يعتبر لوناً جديداً من الفن، فبعيداً عن إبداع مواقع التواصل الاجتماعي في تقريب المسافات بين الأجيال السينمائية، ثمة نوعية جديدة من الأفلام التي عرفتها هوليوود أولاً تعتمد على تقليد النسخة الأصلية من فيلم ما بطريقة ساخرة، ومحلياً قدمها أحمد مكي بشكل لافت في فيلم {طير أنت} حينما برع فريق العمل في تقليد لغة الفنان يوسف شعبان كضابط للمخابرات في دراما الجاسوسية.

ويرى أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية سعيد صادق أن اللغة وطريقة التعبير من أهم الوسائل التي نستنبط منها ملامح حياة الشعوب في فترة ما، ونستدل من خلالها على ما يعانونه من مشكلات أو عادات تتغير بتغير الأزمان، معتبراً أن الطريقة التي كان يتحدث بها الناس تعكس أوضاعهم وأحوالهم، وقال: {اللغة في الأساس جزء من نشاط الناس المعرفي، والسينما إحدى أدوات إثراء التواصل والمعرفة وتخضع لقواعد اللغة، وأن التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تشهده المجتمعات يوثر على السينما كاختراع}.

ويتابع صادق أن القرن الحادي والعشرين اتسم بزيادة حركة التطور وظهور تقنيات واختراعات حديثة، مشيراً إلى أن تطور المجتمعات يصاحبه تطور اللغة، والتي تنعكس في ألوان الإبداع كافة التي يتأثر بها المجتمع كالسينما والمسرح وحتى الأدب. واعتبر أنه ليست اللغة وحدها التي نلمس فيها فجوة واسعة بين ما كان يردده الممثلون وقتها وبين ما نردده الآن، ولكن في طبيعة المشكلات التي كانوا يناقشونها، مطالباً بعدم السخرية من تلك المواد الفيلمية القديمة لاعتبارها {مرجعاً كلاسيكياً} لأنماط حياتنا آنذاك.

back to top