بتاريخ 26 أكتوبر الماضي صدر مرسوم أميري بتعيين د. بدر حمد العيسى وزيراً للتربية وزيراً للتعليم العالي، وبتاريخ 9 نوفمبر الجاري، حاورت جريدة «القبس» المدير التنفيذي عميد مجلس إدارة البنك الدولي، د. ميرزا حسن، وجاء الحوار بعنوان عريض: «التعليم في الكويت إفريقي المستوى»، وكم اعتصر الحزن قلبي وأنا أقرأ كلمات د. ميرزا، واصفاً المستوى المتردي الذي يعيشه التعليم في دولة الكويت، وكأنه يوجه رسالة واضحة وصريحة للوزير.
«الكويت تعالج الإصلاح بأدوات قديمة عفى عليها الدهر... فدول أخرى بدأت بالجيل الرابع من التعليم، بينما الكويت مازالت تصلح في الجيل الثاني من قطاع التعليم، وهي بحاجة إلى نظام تعليمي جديد وليس إلى إصلاح القديم. إذا احضرنا أفضل منهج في العالم، مثلاً المنهج الكوري، ووضعته على طاولة ضعيفة، هل تتوقع أن ينتج أو ينجح؟ إذا كان ممكنا، يجب أن يتوافر معه معلم قوي، وجهاز مدرسة قوي، وإدارة قوية، ومناخ مختلف... إن عائد التعليم في كوريا يبلغ 80 سنتاً إذا صرفت دولاراً، بينما في الكويت يبلغ العائد على التعليم 20 سنتاً.. إن القيمة المضافة التي وضعتها في الميزانية سواء كانت مليوناً أو 10 ملايين، النتيجة ستكون واحدة».هذا الكلام المؤلم بحق التعليم في الكويت، من شخصية عالمية محترمة، تتناقله وكالات الأنباء وتأخذه مراكز الدراسات على محمل الجد، وبالتالي ليس أقل من أن يقف معالي الوزير أمامه، ويحاول جاهداً إعداد خطة تكون بمنزلة خارطة طريق لعمله في الوزارة.لم نكن في الكويت بحاجة الى جلد الذات أمام تأكيد د. ميرزا حسن على سوء التعليم، فالجميع صار يعرف تردي مستوى التعليم، ابتداء بتخلّف وأصولية المناهج، مروراً بتردي مستوى الأساتذة، وانشغال بعضهم في إيصال قناعاتهم الفكرية الأصولية الجهادية للطلبة، وانشغال البعض الآخر بحصص الدروس الخصوصية، إضافة إلى حالة الانفصال والتخبط الكبير الذي يعانيها الطالب بين عصرية وتقدم ما يعيشه في البيت والشارع، من استخدام الكمبيوتر والتلفون الذكي والتواصل مع مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وبين مناهج متخلّفة لا تمت بصلة إلى اللحظة التعليمية والإنسانية الراهنة.د. بدر العيسى، ونتيجة المستجدات العربية والعالمية الجديدة، أمام مهمة تاريخية ثقيلة في إحداث هزة نوعية في التعليم، تبدأ بقرار شجاع، لرمي المناهج الدراسية البائسة خلف ظهره، وتشكيل لجان جديدة للمناهج، بالاستعانة بخبرات أجنبية مشهود لها، بعقول وتفكير متحضر وعلمي لوضع مناهج جديدة تستلهم روح العصر، ومستجدات التعليم العالمي، مبتعدة عن التلقين والحفظ والتخويف والإغراق فيما لا فائدة ترجى من تعلّمه.إن وقفة سريعة أمام المناهج الدراسية في أي مرحلة من مراحل التعليم، تكشف بؤس المادة العلمية، والفكر المتخلّف واللاإنساني الذي يعشش بين جنباتها، مثلما تعرّي مناهج وطرق التدريس التي باتت جزءاً من مخلفات الماضي. وأخيراً تقول بما لا يدع مجالاً للشك بضرورة التحرك الفوري لإنقاذ أجيال الكويت القادمة، ومستقبل الكويت من المصير البائس التي ينتظرهما.تحرك معالي الوزير ليس ضرباً من المستحيل، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، ومؤكد أن الكويت مليئة بالطاقات الفكرية والعلمية المخلصة والمؤهلة لقيادة التغيير المنشود. كما أن الاستعانة ببيوتات الخبرة العالمية ليس بالأمر الصعب، في عالمٍ يُطلق عليه «القرية الكونية».معالي الوزير د. بدر العيسى، ندرك تماماً جلل المهمة التي تنتظركم، وندرك أيضا أن التاريخ سيسجل اسمكم بحروف من ذهب لو أنكم ساهمتم بإنقاذ مستقبل شعب، أنعم الله عليه بخيرات كثيرة، وليس أقل من أن يحسن استغلالها لخدمة مستقبل أجياله، وسط عالم لا يعترف إلا بقوة المتعلم.
توابل - ثقافات
رسالة تمنّ لمعالي وزير التربية وزير التعليم العالي
26-11-2014