تونس تنشر الجيش في المدن وتعلن حرباً بلا رحمة على الإرهاب
* توقيف 9 متورطين في "مجزرة باردو" وأحد المهاجمين معروف لدى الاستخبارات * الغنوشي: سندوس الإرهاب بأقدامنا
أعلنت الرئاسة التونسية، أمس، بعد اجتماع الرئيس الباجي قايد السبسي مع المجلس الأعلى للجيش، أنه تقرر نشر الجيش في المدن الكبرى لتعزيز الحماية الأمنية بعد الهجوم الإرهابي الدامي الذي استهدف متحف باردو قرب البرلمان في العاصمة تونس، أمس، والذي أسفر عن مقتل 25 شخصا في حصيلة غير نهائية بينهم 20 سائحا أجنبيا.وكان السبسي أعلن بكلمة متلفزة وجهها الى الأمة مساء أمس الأول "الحرب مع الإرهاب"، مضيفاً أن "هذه الأقليات الوحشية لا تخيفنا، وسنقاومها إلى آخر رمق بلا شفقة وبلا رحمة".توقيف 9كما أعلنت الرئاسة التونسية توقيف 9 أشخاص يشتبه بعلاقتهم بالمسلحين الاثنين المسؤولين عن الهجوم الذي استهدف متحف باردو. وجاء في بيان للرئاسة أن "رئيس الحكومة قدّم جملة من المعطيات تتعلق بالعملية الإرهابية، والتي تمت السيطرة عليها في ساعتين، كما ذكر أن قوات الأمن تمكنت من إيقاف أربعة عناصر على علاقة مباشرة بالعملية، وإيقاف خمسة آخرين يشتبه في علاقتهم بهذه الخلية". ولم يوضح البيان دور أو هوية المشتبه بهم.أحزمة ناسفةوكان وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي أفاد أمس بأن العنصرين الإرهابيين منفذي الهجوم على المتحف كانا يحملان أحزمة ناسفة، وأن عدد القتلى كان يمكن أن يكون أعلى بكثير.وكشف رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد عن هوية منفذي الهجوم، وهما حاتم الخشناوي وياسين العبيدي، وهما تونسيان. وأضاف أن أحد المهاجمين كان معروفا لدى جهاز الاستخبارات. وكانت تقارير إعلامية تونسية، أكدت في وقت سابق أن الارهابيين ينتميان لما يعرف بكتيبة "عقبة بن نافع" الإرهابية، المتمركزة بجبل الشعانبي.ونقل موقع "تونيزي تيليغراف" أن منفذي عملية متحف باردو قدما من ليبيا قبل شهرين، وخضعا لتدريبات في معسكر بمدينة درنة.وأكّد دليل سياحي شاهد العملية أن الإرهابيين دخلا المتحف بالسلاح وبالزي المدني، مضيفا أن مدخل المتحف غير مؤمّن، ولا توجد فيه رقابة، ما ساهم في تسهيل الهجوم. وأشار الدليل السياحي إلى أن الإرهابيين لم يكونا ملتحيين ولم يقولا "الله أكبر" عند الشروع في إطلاق النار.الغنوشي من ناحيته، قال راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، أكبر التنظيمات الإسلامية في البلاد إن الذين نفذوا الهجوم الدموي على المتحف "وحوش"، ملمحا إلى أنهم عملوا وفقا لما يسمونه بـ"إدارة التوحش"، وهو عنوان كتاب لأحد قيادات القاعدة، ورأى أنهم فهموا الدين "عنفا واستباحة جنسية"، متعهدا بـ"دوسهم بأقدام" التونسيين.وقال الغنوشي إن المنفذين أقدموا على "فعل همجي متوحش، ونظموا عملية التوحش مما يسمونه إدارة التوحش"، مضيفا: "وحشيتهم أنتجها عقل مريض وانتساب زائف للدين البريء من هذه الطبائع المتوحشة، فهؤلاء لحظة من لحظات التخلف".وتابع: "نقول لهؤلاء الذين لا نتحاور معهم لأنها في قتال مع شعب مسلم إن الشعب لن يستسلم لعصابة سوء تريد فرض إرادتها عليه".وفي تصريح إذاعي سابق، توجه الغنوشي إلى منفذي الهجوم بالقول "لن تكسروا شوكتنا ولن تنتصروا على وحدتنا، لن تنتصروا على ثورتنا. إرهابكم سيداس بالأقدام من طرف شعب قام بثورة وأنجز ديمقراطية وأنجز وحدة وطنية".الصحفودعت صحف تونس، أمس، الى الوحدة الوطنية لمواجهة الإرهاب. وقالت يومية "لابريس" الناطقة بالفرنسية إن "التعبئة يجب أن تكون عامة، والتماسك كليا، والشعور بالمسؤولية مشتركا بين الجميع". وأضافت أن "مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والمواطنين مدعوون الى التصرف كشخص واحد لوضع مصالح الوطن فوق أي اعتبارات سياسية، حزبية، خاصة أو أيديولوجية".وتحت عنوان "المنعرج الجديد لحرب الإرهاب على تونس" قالت جريدة "المغرب" اليومية: "دخلت المجموعات الإرهابية في منعرج جديد في حربها على تونس: استهداف المدنيين وبداية بالسياح وإسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى وتخريب الاقتصاد ممثلا في السياحة".وأضافت الصحيفة "واضح أن هذه الحرب المفروضة علينا سوف تدوم سنوات وأن هذه الجماعات ستتمكن بين الفينة والأخرى من توجيه بعض الضربات الموجعة للبلاد، ولكن جواب الدولة والمجتمع يمكنه أن يقلص من مدتها ومن حجم خسائرها".من ناحيتها، قالت جريدة الشروق "هذه المرة استهدفوا متحف باردو برمزيته الثقافية والسياحية وموقعه المحاذي لمركز السيادة: مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وفي المستقبل لا قدر الله قد يستهدفون المدارس والمعاهد والكليات والمراكز التجارية الكبرى، ولن تنجو بلادنا إلا بالوحدة الوطنية".وتابعت أن العملية "لم تكن مستغربة، فمنذ أربع سنوات توافرت للإرهابيين أرضية ملائمة لنشر فكرهم الهمجي وتكديس السلاح بتواطؤ علني من أطراف في السلطة اعتبرت أن الإرهاب فزاعة ومن جوقة من الحقوقيين وتجار حقوق الإنسان".إداناتوقد دان الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني بشدة أمس الهجوم "الإرهابي الدموي" في تونس. وأكد تضامن دول مجلس التعاون مع تونس في اتخاذ كافة الإجراءات التي تدعم أمنها واستقرارها، معتبرا أن هذه "الجريمة البشعة" تتنافى مع كافة القيم والمبادئ الانسانية والأخلاقية.وشدد الزياني على أن الهجوم "لن يزيد الأسرة الدولية كافة إلا تصميما على اجتثاث الظاهرة الإرهابية". وكان مجلس الأمن الدولي قد دان بالإجماع الهجوم الذي لقي إدانات دولية وعربية واسعة.(تونس ـــ أف ب، رويترز، د ب أ)