مسألة سعد أم قضية دولة؟
قضية سعد العتيبي بوجهك يا سمو الرئيس، والخطاب موجه إليك أساساً وإلى السادة الوزراء الستة عشر، فإما أن نقول إن لدينا دولة ومؤسسات قانونية وقدراً من ثبات ورسوخ قرارات سلطاتها الدستورية، مهما كان هذا "القدر" بسيطاً، ومهما تضاءل في السنوات الأخيرة، وإما أن نقر بأن قراراتكم هي لعبة أطفال هشة تتهشم حين يتلاعب بها حفنة من الأشقياء، يتخفى أتباعهم تحت أسماء وهمية مضحكة بوسائل الاتصال الاجتماعي، يفرضون رغباتهم وأمراضهم على الدولة، ويضربون بحكم العدالة عرض الحائط.
أعرف أن قراراً صدر من مجلسكم يا سمو الرئيس "مشروع مرسوم" بتعيين سعد العتيبي في منصب وكيل وزارة مساعد لشؤون الشباب، وأن هذا القرار اتُّخذ بعد مداولتين من مجلسكم يوم الاثنين الماضي، ويفترض أنه نهائي، ولم يبقَ غير صدور المرسوم، وفجأة، شنّ شلل من الانتهازيين والمزايدين الذين يعلقون على صدورهم لافتات "نحن ملوك أكثر من الملك" حملة على قرار تعيين سعد، بحجة أنه كتب تغريدة قبل أكثر من سنتين يدعو فيها، بكل براءة، إلى إعمال أحكام العدل والمساواة في العمل الرسمي بمناسبة إضراب عمالي، ماذا فعل سعد؟! وأي جريمة ارتكبها، حين عبر عن رأيه في مسألة حق وأراد بها حقاً؟! وهل يصح أن تكون هذه التغريدة فرصة لشنّ حملة بشعة من القوى الانتهازية لوقف قرار تعيين سعد؟! أين نجد معايير الطمأنينة والثقة والرسوخ القانوني حين تصبح قرارات مجلس الوزراء ريشة في مهب ريح، ينفخ عليها جماعات ضغط ومصالح بائسة كيفما شاؤوا، وحسب ما تمليه مصالحهم وشروط لعبة المزايدات؟! ما أمامك، يا سمو الرئيس، ويا أصحاب المعالي، ليس واقعة "فردية" تتحدث عن سعد العتيبي، بل هي "قضية" تشمل سعد العتيبي وغير سعد، القضية هنا تحمل معنى العمومية، ولا تخص فرداً أو تروي حكاية عابرة، بل هي قضية تشي بمصداقية مفترضة في قرارات المؤسسات التي تدير الدولة، وثباتها واليقين الذي يفترض أن يكرس الطمأنينة والثقة بنفوس المواطنين. هي مسألة لا تخص سعد أو غيره من المواطنين، هي قضية الدولة بالدرجة الأولى، واحترام مؤسساتها لنفسها وثقتها بقراراتها. هي قضيتنا وهي قضية هواجسنا وقلقنا من هذا التردد السياسي عند مجلسكم، ندعوكم إلى التوقف والتأمل بعض الوقت في ما تبقى من هيبة حكم العدل، في هذه الدولة، أمامكم تحديات كبرى قادمة، فماذا ستصنعون عندها؟!