هو رسام كاريكاتير فرنسي علي باب الله، كان يعمل بإحدي الصحف الأسبوعية في باريس، وهناك كان "يلقط رزقه" عبر رسوماته التي تنشرها المجلة كل أسبوع، وفي "مرة من المرارير" - كما قال عادل إمام - وذات عدد أسبوعي عام 2008، رسم صاحبنا كاريكاتيراً جسّد ابن رئيس فرنسا مبتسماً مرتدياً الزي اليهودي رافعاً يديه إلى السماء، وهو يقول: "سأعيش برفاهية" استوحى فكرته بعد زواج ابن الرئيس من ابنة أحد أكبر "الهوامير" من يهود فرنسا.

Ad

 المهم بعد صدور العدد "وعينك ما تشوف إلا النور" يا "أخينا" في عاصمة النور! غلت فاتورة النور على الرسام حتى عجز عن الدفع بأسباب براءته! وفي الأخير قطعت بلاد الغال عنه تيار الحرية ونزعت "فيوز" العدالة من "محوّل" المساواة، وصارت دنياه "خرمس"! وهات يا بلاغات وهات يا محاكمات من عام 2008 إلى اليوم، التهمت طواحين التهم حياة المسكين كما تلتهم الأعاصير في طريقها إلى المحيط سنابل القمح الناضجة، وضرسته المحاكمات كما يضرس الفلاحون في الصعيد الجواني أعواد القصب!، معاداة السامية، التحريض علي الكراهية، انتهاك قيم الجمهورية أو "اللائكيه" كما يحلو للفرنجة أن يدلعوها.

 وبين هذا وذاك وبينما كان قفا الرسام يواجه الضربات القانونية مثنى وثلاثَ ورباعَ كانت النخب الفرنسية الإعلامية تشهِّر به بما ملكت إيمانها من صحف وقنوات ومواقع تواصل، حتي صحيفته "المتحررة حدها" و"الليبرالية أوي" و"ما قبل الحداثة بـ100م" و"ما بعد الحداثة بـ300 مم" إلى دوار "العلمنة" بجانب بقالة العلمانية، طالبته بالاعتذار وأصرت على ذلك، ولكنه رفض بشدة و"شخط" فيها قائلاً: "أفضّل أن أتعرض للإخصاء على الاعتذار"، وطبعاً لم يتم إخصاؤه، وفضلت الصحيفة قطع مورد رزقه فقط هذه المرة وشطبته بجرة قلم وطردته إلى الشارع طرداً مبرحاً!

لم تحتجّ فرنسا يومها ولم تخرج المسيرات الهادرة، ومازالت حيث جرت آخر محاكمة له يوم الثلاثاء الماضي، صمتت "الغال" أمام مأساة الرسام المسكين "ولم" ترقّص باريس حاجبيها دهشة في زفة حريته و"تجعيمها" ولم "يطيّر الدستور عيونه" ليقصف من فضاء التاريخ قرميد الشانزلزيه بقنابل قيم الجمهورية ولم يهتز برج إيفل ذو "الدخل الحديد المسلح" لتخر قواعده الفولاذية "كالبعبل" فزعة للرسام المضطهد، ولم تفارق الابتسامة، ولو للحظة، وجه بقرة "لا فاش كيري" فخر صناعة الأجبان الفرنسية!

الرسام المتعوس هو موريس سيني الملقب "بسينيه" ذو الثمانين عاماَ الرسام الكاريكاتيري الفرنسي الأشهر في العالم، والمعرس المجني عليه كاريكاتيرياً هو المحروس "جان" ابن نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا الأسبق، أما العروس "الغضة البضة اللي لو مشي برغوث كاريكاتيري على خدها قضه فهي جيسيكا ابنة سيبو دارتي تاجر الإلكترونيات الأشهر في فرنسا، أما الصحيفة التي رفضت الإساءة بشدة لأنها "ما ترضى بالغلط على أولاد الناس" وطالبت بكل عزم "مشدود ع الآخر" موريس بالاعتذار وطردته أخيراً وبشدة أيضاً مع تنوين ساكن للتمكين، فهي صحيفة اسمها... شارلي إيبدو!