من الجوانب السلبية  لمهنة المحاماة أن فرص الحصول على أتعاب مجزية من الموكلين أفرادا وشركات، باتت امراً صعباً، نتيجة لخفض الاسعار من قبل المحامين حديثي الانضمام الى المهنة، على حساب جودة العمل والاداء والجهد المبذول.

Ad

شهدت مهنة المحاماة في الكويت خلال الخمس سنوات الماضية، إقبالاً كبيراً وغير مسبوق من خريجي كليات الحقوق الداخلية والخارجية، وهو إقبال لم تشهده المهنة في تاريخها بالبلاد، خصوصا بعد إعلان جهاز القوى العاملة التابع لديوان الخدمة المدنية رفع قيمة علاوة العاملين بالمهنة، وهو ما ساهم في تغيير وجهة خريجي «الحقوق» إلى المحاماة، لكون التعيين فيها ولو بدرجة محامي « أ» بات أمرا مجزيا ومريحا، فضلا عن عدم وجود التزام وظيفي كامل كالوظيفة الحكومية الملزمة بضوابط الحضور والانصراف وغيرها.

ورغم أن المحاماة باتت جاذبة أمام خريجي الحقوق، إذ إن مردودها المالي لأي محام حديث التعيين قد يصل الى الف دينار شهريا، بسبب ارتفاع قيمة العلاوة التي يمنحها جهاز دعم العمالة، فضلاً عن النسب التي يحصل عليها المحامي من القضايا التي يأتي بها إلى المكتب الذي يعمل فيه، غير أن لذلك الإقبال الكبير من خريجي كليات الحقوق من كل الجامعات العربية التي فتحت ابوابها للطلبة الكويتيين، في مصر والأردن والإمارات، جوانب سلبية باتت تعصف بالمهنة.

وفي مقدمة تلك الجوانب السلبية أن فرص الحصول على أتعاب مجزية من الموكلين أفرادا وشركات، باتت امراً صعباً، نتيجة لخفض الاسعار من قبل المحامين حديثي الانضمام الى المهنة، على حساب جودة العمل والاداء والجهد المبذول، فبينما كان متوسط أتعاب القضايا الجنائية ٨ الاف دينار أصبح اليوم الفين فقط، وبينما كان متوسط العقود السنوية للمحامين للشركات ١٥ ألف دينار أصبح معدل الأتعاب ٥ آلاف، إذ إن المحامين الجدد يقبلون على إبرام عقود من اجل العمل لا أكثر، وأحيانا من دون مقابل على حساب جودة العمل والجهد المبذول دون الاكتراث للنتائج.

 وهذا ما ما جعل العديد من المحامين يشكون خلال العام الماضي والحالي من تدني اتعاب المحاماة، والمطالبة بتوحيد الاتعاب في كل القضايا لانقاذ وضع المهنة الذي يعتبره العاملون فيها مقلقاً بسبب كثرة الانتساب اليها خلال السنوات الماضية بشكل لافت!

5 آلاف محامٍ

وبينما كان قيد المحامين عام ٢٠٠١ يقارب ألف محامٍ فقط بمعدل ٢٠٠ مكتب محاماة تقريباً، وصل عددهم المحامين هذا العام إلى ٥ آلاف، بينما العاملون منهم فعليا قرابة الـ٣٥٠٠، مع وجود قرابة ٩٠٠ مكتب محاماة وسط ارتفاع ملحوظ سجلته السنوات الخمس الماضية في الانضمام الى المهنة!

ورغم المخاوف التي يبديها المحامون أصحاب المكاتب المقيدة منذ ٢٠ عاما إزاء الحال الذي وصلت اليه المهنة من تراجع للعقود الموقعة معهم من الأفراد أو الشركات مع تراجع قيمتها بسبب الإقبال الكبير على المهنة دون وجود ضوابط من جمعية المحامين فيما يخص القبول، كشفت الأرقام التي حصلت عليها «الجريدة» عن انضمام ما يقارب 20 ألف محام جديد للمهنة خلال الثلاث سنوات القادمة، بناءً على ما أظهرته من دراسة ٢٠ ألفاً حالياً في الجامعات المصرية لتخصص الحقوق بواقع ١٥ الفاً إلى جانب ٣ آلاف في الأردن وألفين في الإمارات.

وانضمام مثل هذا العدد الى المحاماة، إضافة إلى من فيها، سيرفع عدد المحامين المقيدين الى قرابة 25 الفاً من دون ضوابط للانضمام، وهو ما من شأنه أن يربك المهنة، علاوة على ما ستعانيه من فوضى وعدم القدرة على ضبطها أو قدرة الجمعية على تنظيم العمل بين المنتسبين، وهو ما يستلزم من الجمعية سرعة العمل على تعديل قانون المحاماة، بما يسمح بتشديد شروط الانضمام إلى المهنة.

قانون تنظيمي

ومن الجهود التي يبذلها مجلس ادارة جمعية المحامين الحالية العمل على اقرار قانون ينظم مهنة المحاماة ويشترط للقبول في المهنة تجاوز الاختبارات التحريرية والشفوية، فضلاً عن تجاوز دورة، للانضمام الى المهنة بدرجة محامي « أ» على غرار معهد القضاء الذي يشترط دورة مدتها عام لتعيين وكلاء النيابة في النيابة.

وبينما يشتكي عدد من المحامين سماح لجنة القبول بقبول خريجي الجامعات المصرية والأردنية وكلية الشريعة تخصص «فقه» أو قبول المتقاعدين الذين سبق لهم أن عملوا بوظائف قانونية تسمى نظيرة لمهنة المحاماة، تعمل جمعية المحامين على تغيير قانون مهنة المحاماة لوضع ضوابط جديدة لعملية القبول والتشدد فيها لخريجي الحقوق والشريعة والمتقاعدين للحد من السلبيات التي تواجه مهنة المحاماة في عملية القبول.

وقال رئيس جمعية المحامين الكويتية المحامي وسمي الوسمي، إن «الجمعية تعمل على تعديل قانون مهنة المحاماة لوضع المزيد من الضمانات لمنتسبي المهنة لما يعود عليهم وعلى المهنة بالنفع والاستقرار».

وأضاف الوسمي أن «قانون المحاماة يتضمن العديد من المثالب والملاحظات التي تخص عملية القبول والانتساب للمهنة، وكذلك بالشكل القانوني للجمعية بتحويلها إلى نقابة، وكذلك بتوفير الضمانات القانونية الكاملة والحصانة التي تليق بالمحامي وطبيعة عمله، وكذلك فيما يخص توفير الضمانات الخاصة بالأتعاب وبالحقوق تجاه موكله».

وأوضح أن الجمعية تعمل على إعادة النظر في المثالب التي يعانيها القانون، لافتا الى أن «الجمعية تأمل من الإخوة في مجلس الأمة دعم مبدأ تعديل قانون المحاماة، لما له من أهمية كبيرة لتنظيم مهنة المحاماة في الكويت، وأن مثل هذا التنظيم يعمل على تطوير المهنة وتقدمها».

قبول

يرى بعض المحامين أن سماح لجنة قبول المحامين بقبول الخريجين دون اجراءات الاختبارات التحريرية والشفوية يضر بالمهنة، منادين بضرورة تطبيق تلك الاختبارات، وإن لم يكن القانون الحالي ينص عليها، بوصفها من الإجرارات الطبيعية لعملية القبول.

تدني الأتعاب!

يشتكي المحامون أصحاب المكاتب من أن المحامين الجدد تسببوا في تدني أتعاب المهنة بنسبة 70 في المئة، على حساب جودة العمل، مبينين أن القضية التي تستحق في السابق ٥ آلاف دينار يتم أخذها اليوم من عدد من المحامين حديثي الانضمام بمبلغ ٥٠٠ دينار!

إعلانات «إنستغرام»

طالب محامون الجمعية بالتدخل لوقف الإعلانات التي يقوم بإعدادها بعض المحامين في حساباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي على الإنستغرام، لافتين إلى أن بعض الإعلانات تقدم حلولاً مختصرة للجمهور، ولا تعالج المسائل بشكل صحيح، وهو ما يسهم في تضليل الجمهور!

خريجو مصر والأردن

دعا محامون إلى ضرورة مواجهة خطر انضمام عدد كبير من خريجي الحقوق في مصر والاردن والامارات إلى المهنة، لاسيما أن عددهم قد يتجاوز 20 ألفاً خلال ثلاث سنوات، مؤكدين أن عدم التشدد في القبول سيؤدي إلى تراجع المهنة بشكل كبير، ويقلل نسب نجاح الاستمرار فيها.