أوباما: تي. تي وكما رحت جيتي!
أقل ما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما عن إيران، بينما الوفود الخليجية إلى قمة كامب ديفيد بدأت بالوصول إلى واشنطن، هو أنها دولة راعية للإرهاب، والمفترض أن الدولة الراعية للإرهاب يطبق عليها ما يطبق الآن على "داعش" وعلى "القاعدة"، والمفترض أن تقطع العلاقات معها، وأن يتوقف الاتصال بها، وأن "تضرب ضرب غرائب الإبل"! إن العرب، إن ليس كلهم فمعظمهم، يعرفون هذا الذي قاله أوباما، ويعرفون أكثر منه كثيراً، والمشكلة هنا ليس أن نوسع إيران شتماً ونتركها تفعل في هذه المنطقة ما تشاء والمثل يقول: "أوسعتهم شتماً وفازوا بالإبل"، ولهذا، وإذا كان الرئيس الأميركي متأكداً من أن هذه الدولة راعية للإرهاب، فإن المفترض أن يوقف "الغزل" غير العذري معها بالنسبة إلى أنشطتها النووية، وإن المفترض أن يضاعف، على الأقل، العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
حقيقة، إذا أردنا الاستعانة بالصراحة المطلوبة بين الأصدقاء، فإن العرب، بعد تجارب مخيبة للآمال، لم يعودوا يثقون بالرئيس الأميركي، ولم يعودوا يصدقون تصريحاته، والكل يتذكر ما كان قاله في الرابع من يونيو عام 2009 من فوق منصة مدرج جامعة القاهرة، حيث ارتفعت الآمال العربية يومها، حتى عانقت غيوم السماء، لكنها ما لبثت أن سقطت في أكثر بقعة انخفاضاً على الكرة الأرضية، عندما "لحس" أوباما كل ما قاله وتراجع عن كل ما وعد به، خصوصاً بالنسبة إلى القضية الفلسطينية. وهنا فإن ما يجب قوله الآن بينما قمة كامب ديفيد لم تنته بعد هو أن ثقة العرب بالرئيس الأميركي، هذا الرئيس الأميركي، تكاد تكون معدومة بعد تجارب مخيبة للآمال كثيرة، فهو ذهب إلى الأزمة السورية في البدايات شاهراً سيفه، لكنه ما لبث أن بدأ بالتراجع وبدون أي مبرر، وذلك إلى حد التخلي عن المعارضة السورية المعتدلة وغير المعتدلة، وإلى حد اعتبار أن وجود بشار الأسد ضروري لحل هذه الأزمة بالوسائل السياسية. وقال أوباما في تصريحات مناخ قمة كامب ديفيد: "إن الخليجيين محقون في القلق من إيران"، لكنه لم يقل كيف بالإمكان تبديد هذا القلق، ولكنه كما قال في هذه التصريحات التي للأسف قد تذهب أدراج الرياح مثلها مثل غيرها لم يجد "ما يكب شره عليه" إلا تنظيم "داعش"، الذي لا شك في أنه تنظيم إرهابي، وأن الجهود كلها يجب أن تتضافر للقضاء عليه، ولكن هذا يجب ألا يعني أن يكون هناك غض للنظر عن إيران وعما تفعله في العراق وسورية ولبنان واليمن، وفي المنطقة كلها.ربما أن أوباما لا يعرف أن القادة الخليجيين قد ذهبوا للقائه وهم يضعون أيديهم على قلوبهم، فهناك قضايا عالقة كثيرة أهمها، بالإضافة إلى مشروع الاتفاق بالنسبة إلى الأنشطة النووية الإيرانية، دعم المعارضة السورية، وتمكينها من حسم الأمور، والقضاء على نظام بشار الأسد، ومن بينها أيضاً منع إيران حتى بالقوة من الاستمرار في تمددها العسكري والاستخباري والسياسي في المنطقة العربية، وحقيقة أن هؤلاء القادة ومعهم الرأي العام العربي كله لديهم قناعة راسخة بأن الرئيس الأميركي مستمر في الرهان على إمكانية "استيعاب" الدولة الإيرانية، وهذا يعني إذا صحت هذه القناعة أنه لن يفعل شيئاً... وأن الأمور ستبقى: "تي. تي. وكما رحت جيتي"!