كيف تقيّم مستوى الساحة الفنية الآن؟

Ad

لا يمكنني إطلاق حكم عام على الأعمال المقدمة، فأنا أدرك أن ثمة {قلة نسبية} في إنتاج الأعمال، لكن جودتها تتعلق بأمور أخرى،  فلا يوجد فن يرضي الأذواق كافة، ويحوز على رضا الجميع، بل فن يعبر عن الحالة التي يعيشها الناس في فترة زمنية معينة، وهو الشرط الذي يحقق النجاح الباهر لأي فريق عمل يلتزم به.

مؤكد ألا كثافة في الأعمال المطروحة مقارنة بفترات سابقة، شهدت غزارة في الفنون الغنائية والتمثيلية، لكن لكل عصر مفرداته وسياقه الذي يشكل الحركة الفنية. ولا شك في أن المشاكل الإنتاجية تقف عائقاً أمام خروج المشاريع، بسبب الظروف والأزمات التي تعانيها البلاد.

ماذا عن تطور الوسائط التي تعرض من خلالها الأعمال؟

قديماً كنا نعتمد على شرائط الكاسيت حتى تطور الأمر إلى نوافذ تقنية غاية في التطور، تعتمد على التكنولوجيا والشبكات الافتراضية، ولم يقتصر ذلك على طريقة العرض، بل المحتوى الفني ذاته أصبح مختلفاً، وهو ما نراه في الإيقاع الموسيقي الجديد الذي يقدم الآن، وأكثر النماذج وضوحاً {موسيقى الأندرغراوند}.

 محلياً، رأينا إقبال الشباب على أفلام ليست تجارية أو استهلاكية على غرار  {الفيل الأزرق}، حتى الكوميديا في {الحرب العالمية الثالثة} مختلفة، وهو أمر ناجم عن الانفتاح الذي كانت مواقع {يوتيوب} وغيرها مدخلاً له، باختصار ساهمت موجة التطور في تغيير خيارات الفنانين، وأنا واحد منهم. في النهاية لا يتوقف العمل المقدم على الطريقة التي يعرض بها أو من خلالها.

ما التغيير الذي حدث لك على المستوى الشخصي؟ وكيف يؤثر ذلك على الأعمال التي تقدمها؟

التغيير والتبديل على المستوى الفكري والسياسي نال من الجيل بأكمله، ولم يقتصر على محمد عطية بمفرده، مع بدايات الثورة صدقت بأن الموجودين في ميدان التحرير مجرد بلطجية ومأجورين، وعندما استطلعت الأمر وجدت أنهم أصدقائي وأشخاص مخلصون من جيلي أرادوا مواجهة الاستبداد، وكانت تلك المحطة مهمة بالنسبة إلي، لأنها ساهمت في تغييري، فقبلها كنت أهتم، كالباقيين، بالمباريات والتفاصيل اليومية المضحكة منها والغريبة، وكنا نملأ بها صفحات مواقع التواصل والدردشة، لم يكن الفنانون  في جزيرة منعزلة، وإنما كانت حياتهم مماثلة، وانحصرت بين المنزل والأصدقاء والأستوديو، أما الآن فأخذ حديثنا مسارات أكثر جدية ونقاشات حول الدستور ودور الحكومة وأداء السلطة.

كل هذا الحراك انعكس مباشرة على خياراتي الفنية، فمثلا في فترات سابقة كنت أختار أعمالي بتسرع واضح، وأوافق على أعمال تجارية واستهلاكية، إلا أنني أدركت الآن أنها أقل من المتوسط، ووعيي بذلك إيجابي للغاية.

هل معنى ذلك أن ألبومك المقبل سيكون ثورياً؟

بل هو رومانسي، وقد عكفت على تحضيره منذ  ثلاث  سنوات وشارفت على الانتهاء منه.

برأيك ما تأثير السياسة على الفن؟ وهل ثمة حالة استقطاب موسيقي كما هي في المجتمع؟

من أخطر الظواهر التي أرصدها بعين الفنان، تصنيف النجم على أساس انتمائه السياسي، وهو أمر مزعج يسهم في تبني السلطة لنظرة {أحادية} في تقييم الإبداع، إذ تحاول فرض لون واحد يظهر ويعلو نجمه، وعلى الجانب الآخر يمارس بعض الأشخاص عملية {أخطر} مما تقوم به السلطة وهي {الإقصاء} حسب الانتماء السياسي، ونلمس ذلك جيدا في حالة حمزة نمرة، فرغم تقديمه ألبوماً  جيداً يعتمد على موسيقى مختلفة وظهور مميز وتنوع يحسد عليه في طبيعة الأغاني، إلا أن التهم المعلبة جاءت من صفوف الجماهير.

رسالة وبرامج

ما الرسالة التي توجهها في هذا المجال؟

على السلطة ألا تحارب الفنانين، ولو أرادت أن تفرض اتجاهاً فنياً وغنائياً معيناً عليها أن تتيح الفرصة للجميع، وأن تقدم ما لديها ومن يمثلونها على الساحة الغنائية، وألا تزاحم منابر التعبير الأخرى، في النهاية سيختار الجمهور بعيداً عن الإقصاء، كذلك على الفنانين أن يكونوا في صف الجمهور، وعدم التعويل على السلطة وتبني وجهة نظرها في المطلق.

ما رأيك في برامج المسابقات الغنائية؟

أشجع أي مشاريع أو برامج تظهر النجوم أياً كان مقدموها أو جنسياتهم، ولا التفت إلى فكرة التدخلات السياسية أو النزعات التجارية والاستهلاكية، بقدر ما أنظر إلى ما تفرزه تلك البرامج من عناصر، ومن خلال خبرتي في {ستار أكاديمي} ليس البطل من يصل إلى منصة التتويج الأخيرة، ذلك أن  المشاهدين يتعرفون على باقي الأسماء خلال مراحل المسابقة المختلفة، وغالباً ما ينجح المشتركون الذين لم يفوزوا باللقب، وتنفتح أمامهم مجالات فنية وتكون لهم إسهامات أكثر من التي يحققها الفائز باللقب  .

عموماً أتمنى أن تكسر تلك البرامج الصورة النمطية عن النجاحات الفردية، فنحن شعوب يسيطر عليها {عرض الرجل الأوحد} أوone man show، لكن ما نراه من خامات مختلفة وخشبة مسرح تتبارى عليها نماذج جيدة سيعودان بالنفع على مستوى الفن والغناء .

ما المطلوب من الفن اليوم؟

مهمتان أساسيتان: {التنوع}، فكثرة الألوان الفنية تخدم الساحة بأطرافها كافة:  منتجون ونجوم وجمهور، وقد حقق الغرب تلك المهمة بنجاح عشرات الألوان الموسيقية من البوب إلى الروك والجاز وغيرها.  ثم {الوعي}،  فهو ضروري في المرحلة التي نعيشها لنحافظ على مكتسبات السنوات السابقة، من ظهور ألوان غنائية جديدة، وكي لا نعود إلى الأعمال التجارية الاستهلاكية التي تسطح عقل المتلقي. أتمنى من زملائي إدراك المهمتين والعمل على تحقيقهما.