أثار التقرير الذي أعددتُه الأسبوع الماضي في «الجريدة» بشأن أعداد خريجي الحقوق في جامعات مصر والأردن والإمارات البالغ عددهم 20 ألفاً ردود فعل واسعة من المحامين وغيرهم، ما بين مؤيد لضرورة تنظيم المهنة، ومعارض، وهو برأيي ما أردت تحقيقه بأن أطلق جرس الإنذار، وإن كان متأخراً، على الأوضاع التي تعيشها مهنة المحاماة اليوم، وما قد تعيشه بعد خمس سنوات أو أقل من كارثة حقيقية ما لم يكن هناك تدخل جراحي سريع لها، وتحديداً للقانون المنظم لها، بما يلزم من وضع ضوابط للانضمام إليها حفاظاً عليها لا أكثر، ومعالجة القصور الذي يعانيه القانون الحالي.
إثارة القضية يا سادة ليس بهدف إغلاق المهنة على خريجي كليات الحقوق في مصر والأردن، ومن قرأ الرسالة بهذه الطريقة فعليه أن يقرأ التقرير مرة أخرى، والقضية ليست أيضاً انحيازاً أو دفاعاً عن أتعاب المهنة، كما حاول البعض اختزالها، وأدعوهم كذلك إلى إعادة قراءة التقرير، الذي يتناول على نحو رئيسي ضرورة تنظيم المهنة والتشدد في مسائل القبول، لأن التراخي في عملية القبول الذي تعيشه المهنة اليوم، والذي يعود سببه إلى القانون الحالي لا إلى لجنة القبول، هو ما يسمح بقبول المئات من خريجي الحقوق من الجامعات الخارجية، وبعضهم قد لا يكون مؤهلاً للعمل في مهنة المحاماة، حتى وصل الأمر إلى أن بعضهم لا يعرف الفرق بين القانون والدستور، وهذا برأيي كارثة لا يمكن قبولها!لست ضد تعيين خريجي الجامعات الخارجية، الذين أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير، وبعضهم تفوق إلى أن حصل على درجة الدكتوراه، وتم ابتعاثه عن طريق جامعة الكويت، وهو اليوم يتولى تدريس طلبة الجامعة، وهو في الأساس من خريجي الجامعات الإماراتية، وبعضهم تخرج في جمهورية مصر العربية وأصبح وزيراً كالزميل يعقوب الصانع وزير العدل وزير الأوقاف الحالي.وبالتالي الأمر لا ينطبق على أشخاص خريجي تلك الجامعات ولا على النوعيات الجيدة التي نجحت وأبدعت في مجال المحاماة، بل المعني بتلك الضوابط وتلك الشروط اللازم توافرها في عملية القبول هم الخريجون الذين لا يجتازون عملية القبول لضعفهم القانوني، أو لثبوت عدم قدرتهم على تجاوز الاختبارات الشفوية والتحريرية التي يتعين وضعها، وفي المقابل تتشرف المهنة بقبول من يجتاز تلك الاختبارات والمقابلات وباقي الشروط!مهنة المحاماة يا سادة ليست ببوابة عبور دائمة لكل مَن يريد الانضمام إليها في أي وقت يختار وفي الموعد الذي يحدده، بما يجعل أمر الدخول إليها بدخول «السوبر ماركت»، لذا يتعين على الإخوة في لجنة القبول اليوم أن يلتزموا بتحديد موعدين فقط في السنة لقبول خريجي تلك الجامعات، إلى أن يأتي أمر تعديل قانون المحاماة، لأن أمر تحديد موعدين فقط خلال السنة لا يحتاج هو الآخر إلى تعديل تشريعي، وللجنة أن تضع مواعيد تنظيمية هدفها ضبط عملية القبول، وكذلك لوقف «قبول الترانزيت» الذي يقدم عليه البعض من الخريجين انتظاراً منهم لقبول النيابة العامة أو التحقيقات أو إدارة الفتوى والتشريع، وهو قبول برأيي يجب وقفه، وهو ما يمكن التحكم به في مواعيد القبول، وهو أمر يجب على اللجنة اتخاذه دون تدخل من الإخوة في مجلس الإدارة حفاظاً على المهنة!
مقالات
مرافعة: المحاماة وفوضى القبول!
06-01-2015