تشومسكي و فهد راشد المطيري
العالم الأميركي الشهير "نعوم تشومسكي" غنيّ عن التعريف، فإلى جانب شهرته كعالم ومؤسس لنظرية اللغة وأستاذ اللسانيات في جامعة "إم آي تي" الأميركية العريقة، فهو أيضا مُفكر وصاحب رأي سياسي جريء، فما علاقته بالزميل د. فهد راشد المطيري؟ العلاقة بينهما أوجدها الكتاب القيّم للدكتور فهد الذي صدر حديثا باللغة الإنكليزية عن جامعة كامبريدج البريطانية العريقة بعنوان The Minimalist Program: the Nature and Plausibility of Chomsky's Biolinguistics، الذي هو في الأصل أطروحته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة "إسكس" البريطانية مع بعض الإضافات الأخرى، حيث رأت لجنة الاختبار والتقييم النهائي أن موضوع الرسالة العلمية سواء النقد الجديد والجريء لنظرية "تشومسكي" أو الإضافات العلمية القيّمة في مجال نظرية علم اللغة وفلسفتها تجعلها مؤهلة لأن تكون ضمن الإصدارات العلمية الشهيرة لجامعة كامبريدج، وتحديداً ضمن "سلسة كامبريدج في علم اللغة"، وهي سلسلة تهدف إلى "نشر إسهامات جوهرية في علوم اللسانيات"، حيث رحبت الجامعة بذلك، نظراً لأهمية البحث وأصالته، فصدر الكتاب هذا الأسبوع.أما بالنسبة إلى موضوع الكتاب فإنه يناقش نظرية عالم اللسانيات الشهير البروفيسور "نعوم تشومسكي"، وتحديداً ما يعرف باسم "برنامج الحد الأدنى"، حيث يتناول الكتاب بشكل علمي تحليل المفاهيم الأساسية في نظرية "تشومسكي"، ثم يتصدى إلى تقييم النظرية من زوايا مختلفة من بينها تطور اللغة، وفلسفة اللغة، وفلسفة العقل، وهو ما يعتبر إضافة جديدة ومهمة للغاية في نظرية "تشومسكي" وحقل فلسفة علم اللغة.
وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن "سلسلة كامبريدج في علم اللغة" تضم مؤلفين كباراً في هذا المجال من أمثال "نعوم تشومسكي" و"آندرو رادفورد" وغيرهما، فهذا معناه أن الكتاب سيدرّس في أرقى جامعات العالم، وسيكون مادة حيّة لنقاشات علمية متخصصة لا نظن أنها ستجري في الكويت، حيث إن الاهتمام بالعلم والعلماء في أدنى مستوياته مع الأسف الشديد، وهو الأمر الذي عكسته طريقة تعامل القسم العلمي، وعمادة الكلية، والمدير العام للهيئة العامة للتعليم التطبيقي، حيث يعمل الدكتور فهد، مع خبر تفوقه وتميّزه العلمي سواء أثناء مراحل دراساته العليا، (نال درجتي ماجستير بتقدير امتياز الأولى في علم اللغة والثانية في علم اللغة النظري)، أو بعد تخرجه وترشيح أطروحته العلمية من لجنة الاختبار والتقييم النهائي للنشر في جامعة كامبريدج، وتوقيعه عقد الكتاب، فقد كانوا جميعهم على علم بذلك، ولكن يبدو أن انغماسهم بشكل يومي في أمور إدارية وروتينية يُلهيهم تماما عن الاهتمام بالأمور الأكاديمية والعلمية بالرغم من أنها جوهر العملية التعليمية الحقيقية.أطيب التهاني والتبريكات للباحث الأكاديمي المُبدع الزميل د.فهد على هذا الإنجاز العلمي المُميز والرائع، ويكفيه فخراً أن كتابه ضمن إصدارات جامعة كامبريدج العريقة التي تُدرّس عادة في أرقى جامعات العالم، مع تمنياتنا بأن يستمر في بحوثه العلمية الرصينة بالرغم من الصعوبات والعراقيل التي يواجهها يوميا في أروقة هيئة "التطبيقي"، وبالرغم من بيئة الإحباط التي لا تُشجع على البحث العلمي الرصين والتدريس المُميز، ومن ضمنها أنه يُدرس منذ تخرجه قبل نحو ثلاثة أعوام في قسم علمي ليس له علاقة مباشرة بدراساته العليا أو البحوث التي نشرها، وهو ما يعني، ويا للمفارقة، أنه لن يكون باستطاعته تدريس كتابه الذي صدر حديثا بالرغم من أنه سيُدرس في الجامعات المرموقة في العالم!