يصلح الحوار الذي أجرته "المصري اليوم"، أمس، مع المستثمر السعودي الشيخ عبدالرحمن الشربتلي، لأن يكون مؤشراً على ما وصلت إليه حال الاستثمار، وما يحدث مع المستثمرين في مصر.
فعلى الرغم من الوعود الحكومية المستمرة بتحسين مناخ الاستثمار، والتسهيل على المستثمرين، وعلى الرغم من رسائل الطمأنة التي يرسلها الرئيس عبدالفتاح السيسي طوال الوقت إلى المستثمرين في الخارج - على الرغم من كل هذا، فإن الجهاز الحكومي يبدو أنه ما زال راكداً، غير مستجيب لدعوات التحديث.فتح الشربتلي الجرح، بتأكيده أنه يستثمر في مصر حباً فيهاً، وليس لأن المستثمر فيها مصون، معدّداً المشاكل التي يواجهها المستثمر طوال الوقت، من أن المسؤولين يخشون اتخاذ القرار، وأن الدولة لا تلتزم بتعاقداتها، وأن التراخيص لسوق التجزئة تُمنح بعشوائية، وأن الإدارة السياسية تعتقد أنه بتغيير الوزراء يكون الإصلاح قد تحقق، دون أن يدركوا أن الدولة تحكّم ويتحكم فيها "الموظفون" ممن هم تحت الوزير، وهو بهذا يرى أن تغيير الوزارة لن يغير شيئاً، ما دامت الحال على ما هي عليها.المشاكل والعقبات التي عدَّدها الشربتلي في حواره مع "المصري اليوم"، لم تتغيَّر منذ أكثر من ثلاثين عاماً، رغم تغيُّر الحكومات والأنظمة، وهي لسان حال كل مستثمر في مصر الآن، بداية من أن المستثمر في مصر يضيّع 80 في المئة من وقته وجهده في الركض وراء الوزراء والمسؤولين لتخليص إجراءات والحصول على موافقات لتسيير أعماله، بدلاً من بذل هذا الجهد والوقت في توسيع استثماراته في مصر، والتفكير في تعظيم موارده، انتهاء - وفق كلام الشربتلي - بعدم رغبة المسؤولين في التوقيع على أي ورقة، وانتشار الأيدي المرتعشة وخوف الوزراء من السجن، فأصبح عدد من الوزراء يعينون ويتغيرون دون أن يوقع الواحد منهم ورقة واحدة خلال وجوده على الكرسي، وانتهاء بعدم وفاء الدولة بتعاقداتها، بسبب تغيُّر الحكومات والأنظمة.هذه المعوقات لا تقابل رجل أعمال بعينه، بل تقابل كل من يرغب في دخول السوق المصري، متفائلاً بالوعود الحكومية، بتحسين مناخ الاستثمار، لكن ما إن يدخل المستثمر السوق، حتى يجد في نفسه الرغبة في العودة من حيث أتى، فلا مشاكل تحل، ولا وعود تنفذ، فضلاً عن أن الحكومة تتخذ القرارات التي تخص المستثمرين وتخص مستقبلهم بشكل عشوائي، وأحياناً متخبط، ودائماً منفرد، ودون حتى أدنى حوار مع المستثمرين.وإذا كان الرئيس طوال الوقت يتحدث عن أهمية الاستثمار للنهوض بمصر، ويدعو في كل جولاته الخارجية المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر، فإن هذه الخطوة يجب أن تتبعها خطوات أخرى، من قبل الدولة، ومن قبل الوزراء، فسياسة الأيدي المرتعشة، والخوف من توقيع أي قرار، وترك القضايا عالقة دون أي حل، كل هذا لا يؤدي إلا إلى طريق واحد، هو طرد الاستثمار والمستثمرين.يعول الرئيس عبدالفتاح السيسي في كل خطاباته على الاستثمار في التنمية، وإعادة بناء البلد، لكن ماذا قدمت القوانين المصرية والمسؤولون التنفيذيون للمساعدة على استقدام المستثمرين؟ حتى الآن، لا شيء.
أخر كلام
أقصر الطرق لطرد الاستثمار
26-03-2016