انتقدت سالي فيلد، هذه الممثلة القصيرة والحيوية التي تبدو شابة رغم بلوغها 69 عاماً ظاهرة «التمييز ضد المسنين»، لا سيما النساء: «في أوروبا، تحظى هذه الفئة من الناس بالتقدير والاحترام. لكن عند التعامل مع النساء في هذا القطاع تحديداً، نشعر دوماً بأن الناس يسألوننا: «ماذا كنت تفعلين بنفسك؟». فأجيب: «ماذا تعني؟ ماذا كنت أفعل بنفسي؟ ما زلت على حالي».

Ad

أثبتت فيلد كلامها وقدمت أداءً جميلاً في الدراما الكوميدية الجديدة Hello, My Name Is Doris (مرحباً، اسمي دوريس). في الفيلم الذي أخرجه وشارك في كتابته مايكل شوالتر (من أفلامه Wet Hot American Summer صيف أميركي رطب وساخن)، تؤدي فيلد دور دوريس التي تجاوزت عمر الستين: إنها امرأة غريبة ولديها وظيفة مملة في مجلة إلكترونية يطغى عليها موظفون شباب يستخفون بها.

بعد وفاة والدتها المتسلّطة واعتنائها بها لفترة طويلة في منزلهما الصغير والفوضوي في جزيرة ستاتن، تبحث عن الحب... في جميع الأماكن الخاطئة! فتبدأ بالتصرف كمراهقة طائشة حين تظن أن مدير القسم الفني الشاب الجديد جون (ماكس غرينفيلد) معجب بها.

مرحلة انتقالية

اعتبرت فيلد أن القصة تطرح مرحلة انتقالية في الحياة ولا تتمحور حول الشباب فحسب: {نشاهد جميعاً أجزاءً صغيرة منا في شخصية دوريس}.

كانت هذه الممثلة التي فازت بجائزتَي أوسكار عن أدوارها اللافتة في فيلمَي Norma Rae في عام 1979 و Places in the Heart (أماكن في القلب) في عام 1984، أول خيار فكر به شوالتر لأداء دور دوريس.

قال شوالتر: «دوريس شخصية مضحكة وضعيفة وشرسة وغريبة وقوية. لا أظن أن ممثلات كثيرات، إلى جانب سالي، كان يمكن أن يجسّدن مختلف جوانب الشخصية بهذه البراعة. فكرنا بأن سالي فيلد ستكون مدهشة في هذا الدور لكنها لن تقبل به مطلقاً. لكنها أحبّته لحسن الحظ».

تتذكر فيلد أول لقاء لها مع شوالتر: «كنا نعلم أن المهمّة ستكون صعبة. أصرّ المخرج على وجود خط رفيع بين الكوميديا والدراما. لا يقتصر الفيلم على الجمع بين الكوميديا والدراما لأن أفلاماً كثيرة تتبع هذه المقاربة. إنها دراما يونانية وكوميديا جنونية. يبدو بعض المراحل الانتقالية متداخلاً».

يزداد الوضع تعقيداً لأن دوريس تعيش في عالمها الخاص ولا تكف عن التوهم.

قالت فيلد: {كانت دوريس معزولة عن محيطها ولا تدرك وجود عالم خارجي. اعتادت على شراء ملابسها من متاجر التوفير في الشوارع المجاورة ولا تجيد تنسيق الثياب بأي شكل ولا تهتم بنظرة الناس إليها}.

كذلك ناقشت شخصية دوريس ومسائل الاكتناز مع معالجين نفسيين: {فهمتُ أن جميع الاضطرابات النفسية، مثل الوسواس القهري، تحمل درجات من الخطورة}.

معالم الشخصية

سمح شوالتر لفيلد بتحديد معالم شخصية دوريس، فبدأت تتخيّل مظهرها الفريد من نوعه، واختارت تسريحة تقليدية ونظارات قديمة وملابس غير متناسقة، من بينها تنورة واسعة مع حذاء قديم، وكثير من الماكياج.

أضافت فيلد: «يبدو وكأنها تعيش في فقاعة زمنية خاصة بها (لا سيما تسريحة شعرها). نسختُ الشعر من تسريحة قديمة لبريجيت باردو من بداية الستينيات. كانت تشمل خصلاً جانبية لكني لم أشأ أن يكون المظهر مثالياً، لذا تخليتُ عنها».

قصدت مصممة الأزياء ريبيكا غريغ دور أزياء قديمة في لوس أنجليس وجمعت ملابس تناسب الشخصية. تتذكّر فيلد: {كانت أكوام الملابس كبيرة. بدأتُ أجرّب الملابس وحاولتُ إضافة لمسة مميزة إليها لأنني كنت مقتنعة بأنني إذا بدأتُ أحدد مظهرها الخارجي، سأبدأ باكتشاف جوانبها الداخلية}.

قال شوالتر: «كانت متفانية جداً في اختيار المواد ومصممة على الاستفادة من موارد محدودة كنا نملكها. بذل الجميع قصارى جهدهم حين شاهدنا مدى تفانيها في العمل».

بدت فيلد مصمِّمة على جعل دوريس شخصية حقيقية، بدل أن تشبه شخصية كرتونية أو كاريكاتورية. وقد كانت قوية بشكل خاص في المشاهد التي تدرك فيها دوريس أنها تحررت فجأةً بعد وفاة والدتها.

في النهاية، يساعدها زميلها الشاب جون على الخروج من قوقعتها. قالت فيلد: {هي تتحدث إليه كما لم تفعل يوماً. وأظن أن جون يتحدث إليها كما لم يفعل يوماً. إنه رابط صادق بين شخصين. بغض النظر عن العمر، هذا ما يبحث عنه الناس في علاقاتهم}.