توجه أمس الناخبون النيويوركيون للمشاركة في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الاميركية في نيويورك، في وقت يتوقع فيه تقدم الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون نحو نيلهما الترشيح الرسمي من حزبيهما في انتخابات قد تقضي على أحلام بيرني ساندرز.

Ad

وعشية الانتخابات، فاجأ ساندرز مناصريه بالقول إن قوانين الحزب في تسجيل الناخبين قد تحرمه الفوز في هذه الولاية المهمة.

هذا التصريح اعتبره البعض بمثابة تسليم مسبق منه باحتمال خسارته، ليس فقط أصوات الولاية، بل وعلى الأرجح معركة الحصول على عدد المندوبين اللازم لضمان تسميته مرشح الحزب الديمقراطي في يوليو المقبل.

لكن، وعلى الرغم من تشاؤمه إلا أن باب المفاجآت لا يزال مفتوحا، في ظل استطلاعات الرأي المتضاربة حيث يعطيه بعضها تساويا مع منافسته هيلاري كلينتون، فيما غالبيتها تظهره متخلفا عنها وأحيانا بأكثر من عشر نقاط.

ساندرز أوضح أخيرا انه يعتمد على المستقلين في تحريك ماكينته الانتخابية، وهو يحصد أصواتهم في الولايات الصغيرة، إلا أن قوانين تسجيل الناخبين تعطي مهلا واضحة، وكل تأخير في التسجيل يعطي الكتلة الحزبية وزناً راجحاً في حسم التصويت لمصلحة المرشح الذي يحظى بتأييد المؤسسة الحزبية.

متاعب ساندرز لا تقف عند هذا الحد في الوقت الذي يجهد لتغيير الولاء لدى «المندوبين الكبار» الذين يمنحون كلينتون تقدما بأكثر من 400 صوت، ما فرض عليه خوض سجال شرس معها على أمل إقناعهم بتغيير ولائهم، كما جرى في مناظرته الاخيرة معها في بروكلين في نيويورك الاسبوع الماضي.

في المقلب الآخر، سلم المرشح الجمهوري المحتمل تيد كروز بخسارته ولاية نيويورك، موجها حملته نحو ولاية ميرلاند بعدما ظهر جليا ان سكان نيويورك يرفضون «قِيَمَهُ» المحافظة لمصلحة المرشح الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب.

لكن كروز نجح في تنظيم عملية «اصطياد» ناجحة لأصوات مندوبي بعض الولايات الصغرى التي لم تجر فيها انتخابات تمهيدية، مستغلا جهل ترامب بقوانين الحزب ومستخدما في الوقت ذاته ماكينة حزبية محترفة استطاعت اقناع مندوبي تلك الولايات بمنحه تأييدهم. كما تمكن كروز من استمالة عدد لا يستهان به من مندوبي المرشحين الجمهوريين المنسحبين الذين وعدوا بتأييده في مؤتمر الحزب في يوليو المقبل.

كروز الذي أعلن بشكل واضح أن جل هدفه هو حرمان ترامب من الحصول على 1237 مندوبا، يسعى الى تحويل المؤتمر الى هيئة انتخابية كاملة الاوصاف، وذلك للمرة الثانية خلال 40 عاما من تاريخ انتخابات الحزب الجمهوري. وهو يراهن على ضمان حصوله على فرصة متساوية مع ترامب امام المؤتمر، وللضغط على قيادة الحزب في الوقت ذاته للقبول به مرشحا مقبولا رغم اعتراضاتها عليه.

في المقابل، لجأ ترامب الى لغة التهويل ومحاولة التأثير على القاعدة الحزبية وقيادة الحزب معا، قائلا ان حرمانه من الحصول على وضعية مميزة داخل المؤتمر بالاعتماد على تفوقه في عدد المندوبين، قد يؤدي الى اعمال فوضى.

هذا الامر فرض على الحكومة الفدرالية للمرة الاولى منذ مدة طويلة منح شرطة مدينة كليفلاند، حيث سينعقد مؤتمر الحزب الجمهوري، تمويلا بقيمة 50 مليون دولار لشراء معدات وتجهيزات إضافية لمواجهة اي طارئ.

ترامب الواثق من فوزه في نيويورك بدأ في تنظيم حملة اتصالات عامة بقيادة الحزب وبكبار المانحين الذين يمولون حملات الحزب الجمهوري، لإقناعهم بجدوى الرهان عليه. وفي ظل حالة الفوضى والتشكيك بقدرة مرشح الحزب الجمهوري كائنا من كان في التغلب على المرشح الديمقراطي، اعلن العديد من هؤلاء المانحين عن تريثهم في تقديم التمويل لأعمال المؤتمر، في ظل عجز بلغ اكثر من 7 ملايين دولار لم يتمكن الحزب من جمعها حتى الساعة، في حين تحيط الشكوك بتمويل حملة الانتخابات العامة بعد يوليو المقبل.

هذا الواقع أضفى مزيدا من البلبلة على الانتخابات الرئاسية الجارية في الولايات المتحدة هذا العام، مع تصاعد الدعوات في جانبي المنافسة على ضرورة الحفاظ على وحدة الحزبين في ظل نمو المخاوف من إحجام كتل سياسية ومستقلة كبرى عن المشاركة في الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل.

ودعي نحو 5.8 ملايين ناخب ديمقراطي و2.7 مليون جمهوري إلى التصويت في نيويورك. وهذه الانتخابات التمهيدية مغلقة، أي لا يمكن للمستقلين أن يصوتوا فيها.

ومنذ سنوات تنظم هذه الانتخابات في وقت متأخر بعد بدء موسم عمليات الاقتراع التمهيدية لكي لا تجتذب اهتماما واسعا. لكن هذه المرة، لم تتح العملية التي انطلقت في يناير ولاية بعد اخرى، تحديد من سيكون مرشحا عن كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لخوض السباق الرئاسي في نوفمبر.

وتزايد الاهتمام بهذه الانتخابات التمهيدية عبر وجود ثلاثة نيويوركيين في المعركة هم ترامب الذي ولد في كوينز، وسيناتور نيويورك السابقة كلينتون التي تعتبر هذه الولاية ولايتها، والديمقراطي الاشتراكي ساندرز المتحدر من بروكلين.

كما ان ولاية نيويورك هي الثانية بعد كاليفورنيا من حيث عدد المندوبين الذين سيمنحون في ختام الانتخابات التمهيدية: 247 ديمقراطيا (بدون احتساب كبار المندوبين الـ44) و95 جمهوريا.

وكلينتون (68 عاما) المرشحة الأوفر حظا من جانب الديمقراطيين نالت 53.7% من نوايا التصويت مقابل 40.9% لساندرز بحسب معدلات آخر استطلاعات الرأي التي نشرها موقع ريل كلير بوليتيكس.

من جانب الجمهوريين نال ترامب (69 عاما) 52.6% متقدما بشكل كبير امام حاكم اوهايو جون كاسيك (22.9%) وسيناتور تكساس تيد كروز (17.9%) بحسب معدل استطلاعات الرأي. ولم يقم كاسيك ولا كروز بحملة مكثفة في ولاية نيويورك.