القضية فتحت ملف حبس الأدباء والمبدعين مجدداً خاصةً أن أمر الإحالة الخاص بأحمد ناجي جاء فيه أن سبب الحكم هو «نشر مادة كتابية، نفث فيها شهوة فانية، ولذة زائلة، وأجّر عقله وقلمه لتوجُّه خبيث حمل انتهاكًا لحرمة الآداب العامة وحسن الأخلاق والإغراء بالعهر خروجًا على عاطفة الحياء».

Ad

ليس أحمد ناجي الضحية الأولى، فقد حُكم على الكاتبة فاطمة ناعوت في يناير 2016 بالسجن ثلاث سنوات وغرامة 2000 جنيه بسبب إحدى مقالاتها بتهمة «إهانة الإسلام» بعدما انتقدت في مقال صحافي ذبح المواشي خلال عيد الأضحى، بالإضافة إلى حبس الباحث الإسلامي إسلام البحيري أواخر عام 2015 بسبب بعض آرائه التي رأها القاضي إهانة للدين الإسلامي.

من جهته قال طارق الطاهر رئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب» إنه بالفعل تم عمل «استشكال» والتقدم بطلب للإفراج عن أحمد ناجي الذي تمّ احتجازه لاسيما أنه يوجد حكم الدرجة الأولى أعطى براءة لناجي ونفى وجود أية جريمة جنائية جراء نشر فصل من رواية، مشدداً على أن الحكم الذي صدر أخيراً وهو أقصى عقوبة ويمكن تخفيفها أو إلغاؤها.

أوضح طاهر أن الدستور المصري أبطل أي إجراء سالب للحريات في قضايا النشر، وتم وضع مادتين لم يتم تفعيلهما حتى الآن وهما65  و67، اللتان تكفلان حرية الرأي والتعبير، وتمنع الحبس في قضايا النشر والإبداع، مطالباً أن يتم تحويل هذه المواد الدستورية إلى مواد قانونية لكي تكون حاسمة أمام القاضي.

من جانبها قالت الكاتبة فاطمة ناعوت إنها غير حزينة بسبب الحكم القضائي الذي صدر ضدها، مؤكدة أنها لم تحزن أيضاً على المجهود الكبير الذي بذلته عبر كتاباتها التنويرية، مشيرة إلى أنها لا تعلم كيف يصدر حكم كهذا، على الرغم من امتلاء المكتبة العربية بالكتب والأفكار التنويرية على مدار أكثر من تسعة قرون، موضحة أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر.

وقالت ناعوت: {لا أخاف من ظلام السجن، لأنني حققت جزءا كبيرا من أحلامي وهو تأليف عدد ضخم من الكتب التي تحمل أفكاراً بناءة}، مشيرة إلى أن الأدباء والمثقفين مسجونون طوال حياتهم في كتبهم وعالمهم الخاص، معتبرة أن السجن فرصة جيدة للتأمل والتفكير طالما أن القانون والدستور لا يحميان المفكر والمبدع}.

من جانبه رفض الشاعر حزين عمر ــ سكرتير عام اتحاد الكتاب ــ التعليق على أحكام القضاء المصري، مشيراً إلى أنه يتضامن مع أي مبدع يتعرض للحبس أو التنكيل، وأن الاتحاد يقف مع أي عضو من الأعضاء أو أي مبدع يتعرض للمصادرة أو تضييق على حريته في التعبير والرأي، وفق تكييف القضاء للقضية، لأن حرية الرأي مكفولة للجميع طبقًا للدستور.

تقويض الحريات

الناقد الأدبي أحمد سراج طالب بأن يتدخل وزير الثقافة حلمي النمنم لوضع حد لمثل هذه القضايا التي تسجن المبدع، وتقوض حريته وتجعله عرضة للأذى، مشيراً إلى أن النمنم وعد المثقفين والأدباء في بداية توليه الحقيبة الوزارية بأنه سيعمل جاهداً على توفير مناخ أدبي ملائم، متسائلاً: {كيف يصل نص أدبي لساحات المحاكم لا سيما أن القضاء يبحث ويصدر أحكاماً في شؤون المواطنين، أما النص الأدبي فهو من خيال المؤلف ولا وجود للشخصيات الروائية في الواقع}.

يستكمل سراج كلامه: {مثل هذه الأحكام تعيدنا مرة أخرى إلى ما قبل العصور الوسطى التي كان يحاسب فيها المواطن على كلامه وأحلامه التي يراها في منامه}، مشدداً على أن المثقفين والأدباء لا ينشغلون باتخاذ مواقف جادة وحاسمة تجاه هذه القضايا والتنكيل بزملائهم، لأنهم مشغولون بمصالحهم الخاصة سواء من يريد أن يحصل على جائزة من جوائز الدولة أو النشر على حساب الوزارة أو عضوية لجنة من اللجان.