الكل يعرف أنه عند نقطة ما اذا أردنا احتواء تأثيرات تغير المناخ فسوف يتعين علينا التوقف عن بناء مصانع الطاقة الملوثة للبيئة، ويشير بحث جديد الى أن تلك اللحظة قد تأتي في وقت أقرب كثيراً مما نظن.

Ad

في بعض المناطق يحقق العالم تقدماً نحو خفض الانبعاثات الضارة، وفي وقت سابق من هذه السنة قال تقرير صدر عن مجلس أعمال الطاقة المستدامة ان استخدام المصانع التي تعمل بطاقة الفحم لتوليد الكهرباء في الولايات المتحدة هبط الى أدنى مستوى في 60 عاماً، كما ان بعض أكبر مراكز تعدين الفحم الأميركية تقدمت بطلبات اشهار افلاس.

وتبدو عملية توليد الكهرباء من الفحم مهيأة لأن تصبح نادرة بصورة متزايدة في الصين  أيضاً، وتلك أنباء جيدة بالنسبة إلى أي شخص يأمل أن تتمكن البشرية من خفض انبعاثات غاز الكربون، بما يكفي لتفادي رفع حرارة الأرض بأكثر من درجتين، والذي يعتبره العلماء أمرا منطويا على خطر.

وحتى في تلك الحالة، نجد أن الاتجاهات العالمية ليست مشجعة، إذ تخطط الدول النامية لبناء المزيد من محطات توليد الوقود الحفري، كما أن انبعاثات الكربون العالمية تستمر في الازدياد، ولا تزال عمليات توليد الكهرباء تسهم في حوالي ربع كل انبعاثات بيوت الدفيئة، والسؤال المهم في هذه الحالة هو ما اذا كنا نستطيع الانتقال الى نقطة الصفر في انتاج الكربون في الوقت الملائم، وكم بقي لدينا من وقت؟

مدة قصيرة

وتقدم دراسة جديدة صدرت عن باحثين في معهد التفكير الاقتصادي الجديد في جامعة أكسفورد جواباً على ذلك السؤال، وباختصار لدينا حوالي السنة كي نتوقف عن الاستثمار في محطات طاقة الوقود الحفري الجديدة، وبعد ذلك سوف تقضي علينا الانبعاثات المتوقعة من تلك المصانع مع استبعاد التغيرات الاخرى الاستثنائية وهذا يعني ببساطة أننا نواجه خيارات بالغة الأهمية في الوقت الراهن.

وكما يشير الخبراء فإن المشكلة تكمن في كمية الانبعاثات التي تكونت في الأساس في النظام اضافة الى أن البنية التحتية للكهرباء تستمر لفترة طويلة من الزمن، وبعض المصانع الحرارية في الاتحاد الأوروبي يصل عمرها الى 50 سنة، وعلينا ان نتوقع استخدام المصانع الجديدة مدة مماثلة، وهكذا سوف تستمر أصداء انبعاثات المصانع الحالية وأي مصانع جديدة أيضاً عقوداً طويلة في المستقبل.

وتضيف ديناميكية المناخ الى القصور الذاتي، وبمجرد وصول ثاني أكسيد الكربون الى طبقات الجو يستمر تأثيره قروناً ليسهم في الاحتباس الحراري طوال الوقت، ثم إن مخزون الكربون في الجو، وليس ما نبعثه الآن، هو ما يهم بقدر أكبر، وحتى اذا استطعنا خفض الانبعاثات بسرعة فإن ذلك المخزون سيتراجع بشكل أكثر بطئاً.

ومع أخذ تلك العوامل بعين الاعتبار واستخدام المعلومات المتعلقة بالسيناريوهات المتعددة حول مستقبل الانبعاثات الممكنة والتغيرات التقنية، عمد الخبراء الى تحليل المدة التي تتوافر لدينا من أجل بناء مصانع طاقة تعمل بالوقود الحفري اذا أردنا الحصول على فرصة لائقة – مثل 50 في المئة – من أجل البقاء ضمن حدود الدرجتين. ومن أجل تلك الغاية طرح الخبراء فكرة "مخزون الدرجتين" وهي اجمالي الكمية التي نستطيع انتاجها من الكهرباء قبل أن نبلغ مرحلة الاحتباس الحراري الخطيرة.

وبحسب تقديرات الخبراء إذا لم نحول كل استثمارات طاقة توليد الكهرباء الجديدة الى تقنية الصفر في الكربون بحلول نهاية سنة 2017 سوف نواجه عدداً من البدائل البغيضة. ويشمل ذلك قبول احتباس يتجاوز حدود الدرجتين واغلاق العديد من مصادر الطاقة في العالم أو تعليق آمالنا على تقنية حبس الكربون التي لم تتحقق حتى الآن.

ويهدف خبراء الطاقة الى مساعدة صناع السياسة على التوصل إلى نظرة أكثر واقعية إزاء الوقت المتاح من أجل التحول إلى الطاقة النظيفة، وتميل الالتزامات الوطنية إلى التخلص من توليد طاقة الوقود الحفري إلى التركيز على أهداف خفض الانبعاثات، كما أن الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، يهدف إلى خفض 40 في المئة بحلول عام 2030، ولكن الانبعاثات في أي وقت ليست مرتبطة بصورة مباشرة بمخزون الكربون في الجو الذي يسبب الاحتباس الحراري، ولا تعكس أيضاً المسار المستقبلي لانبعاثات الكربون الناجمة عن البنية التحتية القائمة.

في غضون ذلك سوف يتعين على صناع السياسة التفكير بقدر أكبر في تداعيات وأصداء مصانع الطاقة التي تعمل بالوقود الحفري التي يجري التخطيط لها في الوقت الراهن، إضافة إلى مناجم الفحم وحقول النفط والغاز، وما نقوم به اليوم سوف يؤثر على خياراتنا المتاحة لعقود طويلة مقبلة.

* مارك بوكانان | Mark Buchanan