البلد يعيش أجواء هلع اقتصادي، ونقاشات التقشف وسبل إنقاذ الموازنة العامة من شبح العجز الذي يستنفر الجميع بعد 6 أشهر من انهيار أسعار النفط إلى ما دون الـ30 دولارا أميركياً.
الإجراءات المتخذة بإلغاء بدعة سيارات مسؤولي الدولة والدورات الخارجية التي يكون بعضها ذا طابع سياحي، وتخفيض بدل السفر للوزراء من 350 إلى 300 دينار! كلها قرارات مطلوبة ومهمة، ولكنها ذات طابع رمزي وربما دعائي لن يحقق وفراً كبيراً ومؤثراً في الإيرادات.يعلم الجميع أن المبالغ الضخمة في بنود مصروفات الدولة تقع في خانة المناقصات والعطاءات المدنية والعسكرية، التي من دون معالجتها لن يكون هناك وفر حقيقي للدولة إلا عن طريق الباب الأول الخاص بالرواتب التي تمثل قوت أغلبية الشعب، أو باب الدعومات الذي تشكل رفاهية ومستوى جودة حياة المواطنين في دولة تصنف من الصف الأول من أغنى شعوب العالم، وتنتج الذهب الأسود منذ أكثر من 6 عقود، وتتراكم فوائضها في صندوقها الاستثماري السيادي وحسابات احتياطياتها المتعددة في الداخل والخارج.قطعاً، وبعد ما نطالعه من الصحف العالمية عن مشترياتنا الأمنية أو الدفاعية، يتطلب ذلك وضعاً أكثر دقة وصرامة في التعاقدات ذات تلك الطبيعة العسكرية، عن طريق تشكيل لجان مختلطة عسكرية ومدنية فنية ومحاسبية للبت في تلك الصفقات وشروط إبرامها.أما في جانب المناقصات المدنية والنفطية، فإن الحكومة ومجلس الأمة مطالبان بإظهار جديتهما في توفير المليارات عبر إقرار قانون المناقصات الجديد الذي أقره مجلس الأمة المبطل الأول في مداولته الأولى، ولم ير النور بسبب إبطاله وعدم التصويت على المداولة الثانية.نعم، هناك قرارات كثيرة جدية يمكنها أن توفر للدولة إيرادات ضخمة، مثل إعادة تسعير أملاك الدولة، وخاصة المقامة عليها مولات تجارية وأنشطة استثمارية لا تسهم في تحقيق أي مردود اجتماعي، من توظيف للكويتيين أو سداد ضرائب، بخلاف زيادة الإنفاق الكمالي وزيادة العمالة الأجنبية المكلفة على البلد في جميع المرافق والخدمات، وكذلك الرسوم المفروضة على المزارع والجواخير التي تحولت إلى قصور ومنتجعات دون إنتاج فعلي، عبر فرض رسوم كبيرة على متر المنشآت الترفيهية في تلك المزارع من مبان وخلافه.وبالتأكيد، فإن التحويلات المالية الضخمة التي تخرج من البلاد يجب أن يتم بحث فرض رسوم عليها، مع مراعاة المستثمرين الأجانب الذين يقومون بإنشاء مشاريع تنموية، ووفقاً لما ينظمه قانون تشجيع المستثمر الأجنبي من إعفاءات في هذا المجال.كما أن هناك عشرات بنود الهدر من المصاريف الخاصة السرية في وزارات وجهات عدة يجب إعادة بحثها ووضع ضوابط لها، وعندما تبدأ الدولة في اتخاذ حزمة قرارات تجاه هذه الملفات، بجانب إعادة بحث الدعومات بما يحقق العدالة الاجتماعية، حينئذ نستطيع أن نقول إن القرارات "الصجية" لمعالجة الهدر ومواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة قد بدأت فعلاً.
أخر كلام
متى سيتخذون القرارات «الصجية» لمواجهة العجز؟!
28-01-2016