نحن العرب بصفة عامة والخليج بصفة خاصة لا نحب من ينتقدنا، فقد تعودنا على طوابير المدّاحين من رجال الإعلام والسياسة والمحللين والخبراء العسكريين وغيرهم ممن يكيلون المديح لقرارات الزعيم أو القائد أو الحاكم أو النظام، لذلك كان الرد على أوباما عنيفاً، مع أنه كان صادقا وحريصا علينا كحلفاء له.

Ad

قرأت بتمعن بعض مقتطفات من لقاء الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية الصديقة مع مجلة "أتلانتيك" الأسبوعية، ذلك اللقاء الذي ينمّ عن عقلانية وإدراك عميق لما يمر به العالم من أوضاع، كان الرجل صادقا مع نفسه وشعبه، وقبل ذلك وبعده كان صادقا وحريصا علينا كحلفاء له، فلم يجامل ليجافي الحقيقة بل تكلم بصدق دون نفاق، كما قال سيدنا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، "صديقك من صدقك لا من صدّقك".

 وقد تابعت ردود الأفعال العنيفة والحادة من الجانب العربي سواء الرسمي أو الشعبي، والتي جاءت كمن يحاول أن يغطي الشمس بيده، فنحن العرب بصفة عامة والخليج بصفة خاصة لا نحب من ينتقدنا، فقد تعودنا على طوابير المدّاحين من رجال الإعلام والسياسة والمحللين والخبراء العسكريين وغيرهم ممن يكيلون المديح لقرارات الزعيم أو القائد أو الحاكم أو النظام.

 بدا الرئيس في اللقاء معتزا بقراراته التي حافظ بها على أفراد الجيش الأميركي، فلم يزج بهم في أتون حروب لا يعلمون لماذا شاركوا فيها، ولأي طرف ينتصرون، فهناك على الأقل أكثر من عشرين فصيلا تتقاتل على مساحة سورية إضافة إلى النظام.

انتقد الرئيس أوضاعنا وقدم النصيحة لنا، ولكن كالعادة كانت تلك النصائح محل هجوم عنيف، فنحن لا نخطئ ولا نقبل النصيحة من أحد، ولم نكتف بعدم المشاركة في تطور البشرية وعالم الاختراعات التي غيرت وجه العالم بل حمل بعضنا المدفع والرشاش والقنابل والسيارات والطائرات المفخخة لندك العالم وحضارته، ونخطف أرواح البشر ونبيع النساء، فليس للتسامح مكان بيننا ولا هناك مساحة للرأي الآخر ولا قيمة لحياة البشر.

بتاريخ 25/ 8/ 2015 كتبت في هذه الجريدة الغراء مقالا بعنوان "ماذا لو؟" جاء فيه: "عقدت الإدارة الأميركية ومجلسا الكونغرس والنواب والخبراء الاستراتيجيون اجتماعات مغلقة، وكان موضوع البحث منطقة الشرق الأوسط ومشاكله... وبناء على هذه الدراسات والاجتماعات فقد تم اتخاذ قرارات مهمة، فأعلن الرئيس "باسم الأمة" أن الولايات المتحدة الأميركية قد قررت الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط خلال عام من الآن، وإغلاق جميع القواعد العسكرية، وسحب الشركات الأميركية وإعادة توطينها في أماكن أخرى".

 والآن وبعد ما جاء في لقاء الرئيس أوباما مع مجلة "أتلانتك" هل بدأ تطبيق ما جاء في مقال "ماذا لو" من تنبؤات؟

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.