شاب من «ثوار يناير» يعود من «الكوما»
أصيب في «محمد محمود» وغابت عنه براءة مبارك وإطاحة مرسي وولاية السيسي
استيقظ فوجد بعض أصدقائه قُتل والآخر في السجون، ورئيس مصر من خلفية عسكرية، بعدما أطاحت ثورة أخرى رئيسا من خلفية دينية، وجماعة "الإخوان" مصنفة إرهابية، ومحمد البرادعي حذف من مناهج تعليمية، وحسني مبارك حصل على البراءة... كلها لمحات من أحداث جسام شهدتها مصر منذ اللحظة التي أجبر فيها معوض كامل، أحد شباب ثورة "25 يناير 2011"، على الغيبوبة، حتى استيقظ جزئيا في مشفى "رافيال" بلندن أمس الأول.معوض الملقب بـ"الشهيد الحي"، راح في غيبوبة عميقة (كوما)، إثر مواجهات بين الثوار وقوات الشرطة في 20 نوفمبر 2011، والمعروفة بأحداث "محمد محمود الأولى"، استيقظ ليجد "دنيا غير الدنيا"، فالكثير من الأحلام تبخرت والباقي منها ينازع، وقلة لا تزال قابضة على جمر الثورة المصرية في نقائها الأول، لم يشهد الكثير من التحولات الدراماتيكية في المشهد المصري في سنوات الثورة العاصفة التي انتهت بصراع فرقاء وحدهم مشهد "25 يناير".
إذا سألت معوض عن المستشار عدلي منصور لن تلقى جوابا، فالأخير ظهر على سطح الأحداث رئيسا مؤقتا، بعد نجاح ثورة "30 يونيو 2013" في إطاحة الرئيس الإخواني محمد مرسي، معوض لا يعلم أن إخوانيا تولى حكم مصر أصلا، لم يشاهد لحظة الصعود الصاروخي للجماعة قبل أن يصم الآذان سقوطها المدوي، توقفت ذاكرته عند بداية تخلي الجماعة عن رفقاء الميدان في نهاية عام 2011.معوض "العائد" من متاهة الغيبوبة دخلها بعد إصابته بطلق ناري، أدى إلى إصابته برصاصتين في الرأس نتج عنها إصابته بكسر في عظم الجمجمة، وارتشاح في المخ، حالته الصعبة تلخص المشهد المصري المرتبك، الذي شهد تغيرات جذرية، فإذا سألته عن عبدالفتاح السيسي، لن يذكره بأكثر من أنه أحد أعضاء المجلس العسكري الحاكم للبلاد عقب تخلي حسني مبارك عن سلطته في 11 فبراير 2011، لا يدري "العائد" أن السيسي يقترب من إنهاء عامه الثاني رئيسا لمصر.يحتفظ معوض بنقائه الثوري، نجا من تحولات أصابت الجميع من النقيض إلى النقيض، حقيقة اعترف بها الناشط مالك عدلي، قائلا في منشور عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "من دقايق شفت أنضف وأنقى حد باقي لنا من ريحة الثورة، معوض عادل مصاب بأحداث محمد محمود، الحمد لله الحالة بتتحسن، معوض دلوقت بيشوف وبيسمع والنهاردة ضحك للممرضة". يرقد "العائد" في مركز رافيال بالعاصمة البريطانية (لندن)، يتلقى العلاج على حساب الحكومة المصرية، لكنه يصارع في مرقده لتحسن صحته، بعد الاستفاقة الجزئية، بعيدا عما يجري في القاهرة، لكنه يظل بذاكرته الممسوحة شاهدا سلبيا عن المياه الكثيرة التي مضت في نهر الحياة المصرية.