بخسائر النفط خلال اليومين الماضيين، تسجل تراجعات مستمرة للجلسة السادسة على التوالي، إذ لم يغلق منذ بداية العام حتى الآن على أي ارتفاع مطلقاً، لكن خسائر أمس الأول هي الأعمق والأكبر منذ بداية العام الحالي، ومنذ عدة أسابيع مضت، فإن جميع السلع والمعادن تقريباً سجلت خسائر متباينة إذ هبط الذهب بنحو 0.6%، وخسرت الفضة 0.85%، وخسر الغاز الطبيعي 3.2%، وهبط البلاتين بنسبة 3.67%.

Ad

تراجع النفط الخام 3 في المئة، أمس، متجهاً صوب 30 دولاراً للبرميل ومستويات لم يشهدها في أكثر من عشر سنوات، بينما يهرع المحللون إلى خفض توقعاتهم للأسعار ويراهن المتعاملون على مزيد من الانخفاضات.

والأسعار منخفضة حوالي 20 في المئة منذ مطلع العام تحت وطأة تخمة المعروض المتصاعدة وتدهور الاقتصاد الصيني واضطرابات سوق الأسهم، فضلاً عن ارتفاع الدولار، الذي يجعل النفط أعلى تكلفة للبلدان التي تستخدم عملات أخرى لشرائه.

وانخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت أكثر من 3 في المئة إلى 30.43 دولاراً للبرميل، وهو مستوى لم تبلغه منذ أبريل 2004 ثم عادت للارتفاع إلى 30.69 دولاراً بحلول الساعة 07:44 بتوقيت غرينيتش، لكنها تظل منخفضة 86 سنتاً عن التسوية السابقة.

ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى مستوى 30.41 دولاراً للبرميل، الذي لم يشهده منذ ديسمبر كانون الأول 2003، ثم عكس اتجاهه ليسجل 30.59 دولاراً للبرميل.

وأظهرت بيانات التداول مستوى قياسياً مرتفعاً للمراكز المدينة في الخام الأميركي - وهي المراكز التي ستربح إذا تراجعت الأسعار بدرجة أكبر - مما ينبئ بأن متعاملين كثيرين يتوقعون مزيداً من الانخفاضات.

وقال المتعاملون والمحللون، إن تنامي تخمة المعروض وتباطؤ الاقتصاد الصيني، هما السببان الرئيسيان لتدهور سعر النفط الذي خفض الأسعار أكثر من 70 في المئة منذ منتصف 2014، وبدأوا يشيرون أيضاً إلى الدولار كعامل ضغط على الخام.

وقال أويستاين برنستن، العضو المنتدب لمعاملات النفط الخام بشركة التداول سترونغ بتروليوم في سنغافورة: "لا شك في أن الدولار عامل مهم"، لكنه أضاف أن المحرك الأساسي للسعر هو تخمة المعروض.

وتابع: "ما إن تتحول تخمة المعروض إلى فائض منتجات وتبدأ السعة التخزينية بالنفاد؛ فستتعرض الأسعار إلى مزيد من الضغوط ولانهيار وشيك".

وعلى صعيد المعروض، ينوي العراق، الذي أصبح ثاني أكبر منتج داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) تصدير حوالي 3.63 ملايين برميل يومياً من مرافئه الجنوبية في فبراير، حسبما ذكرت مصادر تجارية، أمس، نقلاً عن برنامج تحميل أولي، وذلك بارتفاع 8 في المئة عن الشهر الجاري.

وفي ظل تسارع وتيرة الهبوط، أثار انخفاض، أمس، الذي يمثل أكبر خسارة يومية منذ سبتمبر موجة من التداول الجنوني في السوق.

وحذر مورغان ستانلي، من أنه إذا سجل اليوان الصيني مزيداً من التراجع، فإنه قد يدفع أسعار النفط إلى التهاوي إلى نطاق 20-25 دولاراً للبرميل، لتواصل خسائرها التي تكبدتها منذ بداية العام وبلغت 15 في المئة.

وبينما تثير الاضطرابات الصينية قلق المتعاملين بشأن آفاق الطلب من ثاني أكبر مستهلك للخام في العالم، تقول شركات التنقيب في الولايات المتحدة، إنها تركز على مواصلة تشغيل آبارها لأطول فترة ممكنة رغم هبوط النفط.

وقلص المضاربون المراكز الدائنة الصافية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2010، بينما ارتفعت المراكز المدينة الصافية في علامة على فقد المتعاملين الثقة في أن تشهد الأسعار ارتفاعاً في وقت قريب.

وبخسائر النفط اليومين الماضيين، تسجل تراجعات مستمرة للجلسة السادسة على التوالي، إذ لم يغلق منذ بداية العام، وحتى الآن على أي ارتفاع مطلقاً، لكن خسائر الاثنين هي الأعمق والأكبر منذ بداية العام الحالي، ومنذ عدة أسابيع مضت.

وبحسب مسح أجرته "العربية.نت" فإن كافة السلع والمعادن تقريباً سجلت خسائر متباينة حيث هبط الذهب بنحو 0.6 في المئة، وخسرت الفضة 0.85 في المئة، وخسر الغاز الطبيعي 3.2 في المئة، وهبط البلاتين بنسبة 3.67 في المئة.

وتوقع تقرير نشرته "ديلي تلغراف" البريطانية، أن تواصل أسعار النفط النزيف خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن سبب الانهيار هو توقف برنامج التيسير الكمي في الولايات المتحدة، والذي بدأ وقفه تدريجياً اعتباراً من أكتوبر 2014، حيث بدأ النفط بعد ذلك مباشرة مشوار الهبوط المستمر حتى الآن.

إلى ذلك، تبين من تقرير أميركي يتابع نشاط أسواق السلع أن كبار المضاربين خفضوا عمليات شراء النفط لأقل من 50 ألف تعاقد أو 50 مليون برميل في الأسبوع، حتى يوم الثلاثاء الماضي، مما أعطى انطباعاً إضافياً بأن مسلسل التراجع في الأسعار سيستمر طويلاً.

ورغم ذلك، توقع خبير نفطي عربي يقيم في لندن أن تكون الأسعار قد وصلت الى القاع، أو أنها اقتربت من ذلك، واستبعد في حديثه لـ"العربية. نت" أن تعود الأسعار إلى مستويات التسعينيات من القرن الماضي، لافتاً إلى أن "حاجة العالم اليوم للنفط والطاقة أصبحت أكبر بكثير والاقتصادات المستهلكة مثل أميركا والصين تضخمت ولا يمكن أن تنكمش فتعود 20 عاماً إلى الوراء".

دولتان من «أوبك» طلبتا عقد اجتماع طارئ

ذكر وزير الدولة النيجيري للبترول ايمانويل ايبي كاتشيكو امس أن اثنتين من الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) طلبتا عقد اجتماع طارئ، مضيفا أن أحوال السوق في الوقت الراهن تخلق ضرورة لعقد مثل هذا الاجتماع.

وقال كاتشيكو للصحافيين خلال مؤتمر حول الطاقة في أبوظبي إن الهدف من الاجتماع الطارئ سيكون مراجعة سياسة أوبك، لمعرفة ما إذا كانت هناك أي حاجة لتغيير الاستراتيجية، غير أنه رفض الكشف عن اسمي الدولتين اللتين طلبتا عقد الاجتماع.

وزاد كاتشيكو، خلال منتدى جلف انتليجنس لأسواق الطاقة، ان "أوبك" قد تعقد اجتماعا طارئا إذا واصلت أسعار النفط الهبوط، مضيفا ان من الصعب على المنظمة خفض الإنتاج وحدها دون التعاون مع منتجي النفط الآخرين.

من جانب آخر، افاد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي بأن الأشهر الستة الأولى من 2016 ستكون "صعبة" على سوق النفط، قبل أن يبدأ انتعاشا تدريجيا في وقت لاحق من العام، متابعا، خلال المؤتمر، ان الاستراتيجية الحالية لأوبك ناجعة، لكنها تحتاج وقتا لكي تؤتي ثمارها، وربما يستغرق الأمر بين عام وعام ونصف.